تحالفات خطوط الشحن ترسم ملامح خريطة حركة التجارة العالمية

خطوط الشحن

يُعد الشحن البحري العمود الفقري لحركة التجارة العالمية؛ إذ يمثل ما بين 80 % إلى 90 % منها؛ وذلك لعدة أسباب، من بينها أن سفن الحاويات أكثر فاعلية من حيث التكلفة؛ فأسعار الشحن البحري أقل باستمرار من أسعار النقل الجوي.

أما أسعار النقل البري فرغم أنها رخيصة نسبيًا، لكن الوسائل البرية تفشل في ربط خطوط الشحن الكبيرة بأجزاء كبيرة من العالم.

كذلك، من السهل نسبيًا بناء سفينة كبيرة قادرة على نقل عشرات بل مئات الآلاف من الحاويات متعددة الوسائط التي تدعمها خاصية الطفو في البحر وعبر المحيطات.

ويمكن لأكبر طائرة شحن عرفتها البشرية أن تحمل 1100 متر مكعب فقط، أو 28,5 حاوية نمطية فقط.

أهمية الشحن البحري

لذا؛ يظل الشحن البحري ذا أهمية كبرى لحركة التجارة العالمية عبر سلاسل الإمداد.

ومن هنا تأتي المنافسات الكبيرة بين خطوط الشحن العالمية لكسب المزيد من “كعكة الشحن في العالم” التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

وتلعب هذه التحالفات – التي شكّلتها بعض كبرى شركات الشحن – دورًا محوريًا في تحديد ديناميكيات الشحن العالمي عبر المحيطات.

تشير التقديرات حاليًا إلى أن الأسطول البحري التجاري العالمي يضم أكثر من 7023 سفينة تجوب أعالي البحار والمحيطات.

ويحمل الأسطول على متن سفنه أكثر من 30,2 مليون حاوية نمطية.

ومن بين هذا العدد يوجد ما يربو على 5046 سفينة تنقل أكثر من 28,9 مليون حاوية مكافئة تسيطر عليها أكبر 30 شركة شحن في العالم.

ويعادل هذا نسبة 71,8 % من جميع السفن العملاقة و95,7 من كل الوحدات البحرية بمختلف أحجامها.

يأتي هذا في الوقت الذي تسيطر فيه كبرى شركات الشحن حول العالم بشكل صارم على ملكية سفن الحاويات الأكبر حجمًا.

أكبر شركتين ناقلتين

تُعد “ميرسك” و”MSC” أكبر شركتين ناقلتين في العالم لديهما سفن عملاقة. بما يزيد على 6100 و7100 حاوية مكافئة (20 قدمًا) لكل سفينة من سفن هاتين العملاقتين على التوالي.

وقررت الشركتان، في يناير 2023، إلغاء تحالفهما بحلول عام 2025.

جاء هذا القرار بعد أن ظل تحالفهما قائمًا لمدة لا تقل عن 10 سنوات، مع فترة إشعار محددة لمدة عامين لإنهاء التحالف.

ومن المؤكد أن هذا سيكون له تأثيرات متتالية في قطاع الشحن؛ اذ تسيطر كل من “ميرسك” و”MSC” على ثُلث سعة الحاويات العالمية.

أسطول MSC

يذكر أن MSC، بقيادة سورين توفت؛ تملك أسطولًا يزيد على 6 ملايين حاوية مكافئة.

وتسيطر على 20 % من أسطول الحاويات العالمي، ويبلغ سجل الطلبات الضخم للشركة حاليًا نحو 130 سفينة.

ومن المتوقع أن يُعزَز الأسطول بمقدار 1,8 مليون حاوية إضافية خلال السنوات القادمة.

وأعلنت شركتا الشحن العملاقة “ميرسك” و”هاباج لويد” الألمانية عن تحالفهما الرائد، الذي من المقرر أن يكتمل عام 2025.

خطوط الشحن

ديناميكيات الشحن العالمي

تحالف الشحن، والذي يشار إليه غالبًا باسم “تحالف المحيطات”، هو مجموعة من شركات الشحن البحري التي تنشئ اتفاقية تعاون معًا، تغطي العديد من طرق التجارة عبر التنسيق بين أعضائها على نطاق عالمي.

وكان تشكيل تحالفات المحيطات أحد أهم التطورات في هذه الصناعة على مدى العقود القليلة الماضية.

وتلعب التحالفات دورًا محوريًا في تحديد ديناميكيات الشحن العالمي؛ ما يحقق وفورات الحجم وتحسين القدرة وتعزيز عروض الخدمة، مع تقليل التكاليف التشغيلية.

تحالف المحيطات

يضم ذلك التحالف: “كوسكو” الصينية و”سي إم إيه_سي جي إم” الفرنسية وإيفرجرين و”OOCL”.

ويلتزم هذا التحالف باتفاقيات تقاسم السفن؛ للمساعدة في تغطية أكبر قدر ممكن من سوق الشحن؛ ما يعني أنها تحصل على حق الوصول إلى السفن المملوكة لشركات شحن أخرى.

وغالبًا ما توافق شركات الشحن أيضًا على نقل الحاويات نيابة عن بعضها البعض.

وتمثل التحالفات الرئيسة 80 % من سوق الحاويات العالمية ويتبقى 20 % فقط من تلك “الكعكة” لشركات الشحن العالمية والإقليمية وخطوط الشحن الأصغر الأخرى.

فوائد التحالفات

– الفوائد البيئية

من خلال تحسين استخدام السفن وتقليل عدد السفن نصف الفارغة التي تبحر، تقلل التحالفات من انبعاثات الكربون؛ ما يسهم في صناعة شحن أكثر استدامة.

– استقرار أسعار الشحن

تساعد التحالفات في استقرار أسعار الشحن؛ ما يضمن عدم تقلبها بشكل كبير ويعود بالنفع على كل من الشاحنين وشركات النقل.

– عروض الخدمة المحسّنة

تمكّن التحالفات خطوط الشحن من تقديم رحلات بحرية أكثر تواترًا وتغطية أفضل للموانئ، وأوقات عبور أسرع.

– كفاءة التكلفة

عن طريق مشاركة السفن والطرق، يستطيع أعضاء التحالف تقليل التكاليف التشغيلية بشكل كبير وتجنب الرحلات البحرية الفارغة.

يؤدي هذا إلى أسعار شحن أكثر تنافسية للعملاء. وتوجد طريقة أخرى لتقليل تكاليف التسليم وهي رقمنة العمليات.

صناعة الشحن

في صناعة الشحن يُعد السعر المنخفض وتغطية الخدمة الواسعة عنصرين مهمين يجب على شركات النقل تقديمهما لجعل أعمالها مربحة.

4 تحالفات رئيسة

تم تشكيل 4 تحالفات شحن رئيسة تسمح بزيادة قاعدة عملائها عالميًا وتقديم أسعار منخفضة؛ وهي:

1. تحالف “2 إم”

يضم هذا التحالف شركة ميرسك و”MSC” وينتهي عام 2025، وكان قد بدأ عام 2015 وغطى طرق التجارة بين آسيا وأوروبا عبر المحيط الهادئ والأطلسي.

وفي عام 2017 انضمت إليهما “إتش إم إم” لمدة ثلاث سنوات، ولكنها تعاونت لاحقًا مع “إليانس”.

2. تحالف “جيميني”

يضم هذا التحالف شركتي الشحن العملاقة “ميرسك” و”هاباج لويد” في اتفاقية تعاون تشغيلي طويل الأمد، بدءًا من فبراير 2025.

ويهدف التحالف لنقل 3.4 مليون حاوية سنويًا بأسطول مكون من 290 سفينة، في إطار شراكة تُعرف باسم تعاون “جيميني”.

وأشارت الشركتان إلى إمكانية زيادة عدد السفن المشتركة إلى 340 سفينة؛ ما يرفع الطاقة الاستيعابية الإجمالية للتحالف إلى 3.7 مليون حاوية سنويًا.

3. تحالف المحيطات

أُطلق تحالف المحيطات في عام 2017 لفترة أولية مدتها خمس سنوات بين شركات: COSCO Shipping وOOCL وCMA CGM وEvergreen.

وفي عام 2019 أكدت الشركات تمديد التحالف حتى عام 2027. وفي فبراير 2024 أعلن التحالف عن تمديد آخر لمدة خمس سنوات، بدءًا من عام 2027.

يضم تحالف المحيطات 330 سفينة حاويات، تُقدّر سعتها الاستيعابية بنحو 3.8 مليون حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًاوأيضًا سفينة Ever ACE، وهي أكبر سفينة عملاقة بسعة 23.992 حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا.

ويقدم التحالف 36 خدمة مختلفة: 19 خدمة عبر المحيط الهادئ، و11 خدمة بين آسيا وأوروبا (والبحر الأبيض المتوسط).

بالإضافة إلى 4 خدمات بين آسيا والشرق الأوسط، ويغطي أكثر من 100 ميناء حول العالم.

4. تحالف “إليانس”

أُطلِق هذا التحالف عام 2017، ويضم “هاباج لويد” و”وان” و”يانج مينج” ويجمع 3.5 مليون حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا؛ ما يمثل نحو 25 % من سعة الحاويات العالمية.

وكشف التحالف عن عزمه نشر أسطول من 249 سفينة تربط بين 76 ميناءً في جميع أنحاء آسيا، وشمال أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وأمريكا الشمالية وكندا والمكسيك وأمريكا الوسطى، وشبه القارة الهندية، والشرق الأوسط.

وفي عام 2019 عمل التحالف على تحسين اتصالات الموانئ؛ لتلبية احتياجات العملاء، وتحقيق المزيد من الموثوقية والاستقرار في جودة الخدمة.

ميرسك

إستراتيجية عمل هذه التحالفات

تتيح التحالفات لشركات الشحن الكبيرة ترشيد مواردها، ويمكن لشركات الشحن الأصغر أن تتمتع بتغطية خدمة موسعة دون زيادة حجم أسطولها.

ويعمل معظم تحالفات الشحن بنفس الطريقة تقريبًا من حيث المجالات الرئيسة للاتصال والمعلومات بين الشركات؛ وهي: خطط التخزين، وتعيين السفن، والجدولة، وحل المشكلات.

أبرز الحوافز للدخول في تحالفات

ومن أبرز الحوافز التي تدفع شركات الشحن إلى الدخول في تحالفات استراتيجية: الحاجة إلى تكتل يتيح توسيع نطاق العمليات.

كذلك تعزيز القدرة التنافسية فى الأسواق العالمية، وتحسين أداء عمل الأسطول، وتوزيع المخاطر المرتبطة بالاستثمارات في سفن الحاويات الكبيرة.

وتبحر تلك التحالفات البحرية الأربعة على طول طرق التجارة الرئيسة حول العالم.

وتختلف حصتها في السوق حسب المنطقة؛ حيث تستحوذ أكبر 10 شركات نقل على 84,26 % من إجمالي حركة التجارة العالمية وحجم الحاويات في البحر.