أثبتت سوق شحن سفن الفيدر للحاويات أنها من أكثر القطاعات المتخصصة إثارة للاهتمام في صناعة النقل البحري.
وبحسب تقرير حديث لشركة Intermodal، أشار وسيط السفن إلى أن قطاع الفيدر يتميز بندرته واستقراره ومرونته مقارنةً بتقلبات السوق الأوسع.
تحفظ قطاع سفن الفيدر
أظهر قطاع سفن الفيدر تحفظًا. حيث لا يمثل سجل طلباته سوى 4.93 % من الأسطول الحالي، وهو مستوى قريب من أدنى مستوياته التاريخية.
يتزامن هذا مع الاندفاع الهائل لفئات السفن الكبيرة في الطلبات الجديدة التي ستضيف طاقات استيعابية ضخمة خلال العامين المقبلين.
وبحسب يانيس بارغاناس، رئيس قسم الأبحاث في Intermodal، فإن التباين بين هذا القطاع وبقية سوق الحاويات واضح.
فبينما يبلغ معدل سجل الطلبات مقارنة بالأسطول نحو 30% على مستوى السوق ككل، يظل الفيدر بعيدًا عن موجة البناء الكثيف.
ففي عام 2025 وحده، يتوقع أن ينمو الأسطول العالمي للحاويات بنسبة 6.7 %، مع زيادة في فئة النيو-باناماكس تصل إلى نحو 17 %.
في حين يتوقع استمرار النمو في 2026 عند 4 %، وهي نسب أعلى بكثير من وتيرة الطلب طويلة الأجل.
توقعات بتراجع أسطول الفيدر
على النقيض، من المرجح أن يتراجع أسطول الفيدر بنسبة 1.3 % بحلول 2026، وهو أكبر انخفاض منذ عام 2016.
ويعكس هذا دورة طبيعية من التراجع بفعل تقدم الأسطول في العمر وتوجه جزء منه نحو التفكيك.
وقال التقرير إن القطاع يضم أكثر من 28 % من السفن التي يزيد عمرها عن 20 عامًا، مع متوسط عام للأسطول يتجاوز 15 عامًا.
هذا الأمر، يجعل التحديث حتميًا خاصةً في ظل اللوائح البيئية المشددة وارتفاع تكاليف التشغيل.
وبذلك، يصبح تقليص الأسطول نتيجة طبيعية، ما يخلق حالة من الانضباط في جانب العرض لا تشهدها القطاعات الأخرى التي ما زالت تبني سفنًا بأعداد ضخمة.
أما على صعيد الطلب، فإن التوقعات تبقى إيجابية، إذ ينتظر أن تنمو تجارة الحاويات العالمية بنسبة 2.5 % في 2025.
مع توقعات بزيادة النمو قليلًا إلى 2.7 % في 2026، بحسب التقرير.
ورغم أن هذه النسب تبدو متواضعة مقارنة بسنوات الانتعاش السابقة، إلا أنها كافية لدعم معدلات تشغيل قوية لسفن الفيدر.
هذه السفن التي تركز على الخطوط الإقليمية تتمتع بميزة تنافسية، إذ تخدم تدفقات تجارية مستقرة بين الموانئ الثانوية والمراكز الرئيسية.
ففي آسيا، يعزز اتجاه الإقليمية في سلاسل الإمداد وإستراتيجيات مثل “الصين +1” نمو التجارة داخل القارة.
وفي أوروبا، تعتمد الشبكات الكثيفة من الموانئ الثانوية وصعود إستراتيجيات القرب الجغرافي وتوسع ممرات البحر المتوسط والبحر الأسود على شبكات الفيدر لضمان الكفاءة.
تؤكد قطاع سفن الفيدر
تؤكد الأرباح بدورها متانة القطاع، وفقًا للتقرير، إذ شهدت أسعار التأجير الزمني لسفن الفيدر ارتفاعًا ملحوظًا.
ففي 2025، سجلت سفن سعة 1,000 حاوية مكافئة مكاسب تقارب 14 % منذ بداية العام، بينما ارتفعت سفن 1,700 حاوية مكافئة بأكثر من 21 %.
وعلى المدى الطويل، ارتفعت أسعار التأجير لثلاث سنوات لسفن 1,700 حاوية مكافئة بنحو 25 % منذ يناير الماضي.
ويعكس ذلك ندرة الطاقات المتاحة واستعداد المشغلين لتأمين السعة لفترات ممتدة.
ويؤكد بارغاناس أن ما يميز سوق الفيدر هو استقلاليته النسبية عن التيارات الكبرى التي تقود صناعة الحاويات.
ففي حين تواجه السفن الضخمة ضغوطًا من الطاقات الجديدة الهائلة، يواصل الفيدر مساره المنضبط القائم على أساسيات متينة ودور لا يمكن استبداله في التجارة العالمية.
وقد انعكس هذا الاهتمام المتزايد في خطوات عملية؛ حيث لوحظ ارتفاع تدريجي في طلبات بناء سفن فيدر جديدة، وإن كان بمستويات متوازنة لا تقارن بطفرات بناء السفن فائقة الضخامة.
هذه المؤشرات مجتمعة ترسخ الاعتقاد بأن القطاع يستعد لفترة من القوة المستدامة والأهمية الاستراتيجية، مدفوعًا بقيود العرض الهيكلية والطلب الإقليمي المتنامي.












