لخفض انبعاثات الكربون.. العالم يستعد للعمل بالسفن ذات الوقود الأخضر

الوقود الأخضر

يستعد العالم حاليًا للتحول الكامل إلى العمل بالسفن التي تعمل بالوقود المزدوج أو الوقود الأخضر.

وتتماشى هذه الخطوة في اتجاه خفض انبعاثات الكربون لسفن الشحن البحري؛ دعمًا لصناعة النقل البحري العالمية.

ويمثل الشحن البحري نحو ربع انبعاثات قطاع النقل العالمي؛ بإطلاق مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بحسب تقرير لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.

وتواجه صناعة الشحن البحري تحديثات كبيرة لإزالة الكربون خلال العقود المقبلة؛ والاعتماد على الوقود المزدوج أو الهيدروجين بوصفه وقودًا مستدامًا.

خفض الانبعاثات

دعت المنظمة البحرية الدولية (IMO) إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50 % بحلول عام 2050.

وناشدت شركات السفن بالعمل على تحقيق أهداف اتفاقية “باريس للمناخ”، والوصول مستقبلًا إلى الحياد الكربوني.

السفن العاملة بالوقود المزدوج

وبحسب منصة “ريفييرا ماريتايم ميديا”؛ فقد سجلت الطلبات على السفن العاملة بالوقود المزدوج عالميًا ارتفاعًا هائلًا على مدى السنوات الـ 6 الماضية.

وتعد منصة “ريفييرا ماريتايم ميديا”، هي منصة متخصصة في أخبار وتحليلات صناعة الشحن البحرية العالمية.

وهو ما يؤكده تقرير منصة “فيسلز فاليو”، المسئولة عن جمع البيانات لتحديد مدى نجاح أو فشل قطاع النقل البحري في جهوده لإزالة الكربون.

وأشار التقرير إلى أن السفن من قطاعات أخرى، خاصة قطاع شحن الحاويات، تسعى للعمل بالوقود المزدوج أو الأخضر رغم ما تواجهه من تحديات.

ونوهت إلى أن هذه الجهود تتزامن مع الوقت الذي تجهز فيه ناقلات الغاز المسال بمخرجات الوقود التقليدي لبعض الوقت.

تجهيز أساطيل عالمية لإزالة الكربون

ويجهز كبار المنتمين لمجال الشحن أساطيلهم لمواكبة جهود قطاع النقل البحري في إزالة الكربون.

وجاء ذلك بحسب ما أوضحته ريبيكا جالانوبولوس؛ المحللة الرئيسة للمحتوى بشركة حلول البيانات “فيسون نوتيكل”.

ولفتت “ريبيكا” إلى أن 4 % فقط من سفن الحاويات العاملة بالوقود المزدوج طلبت في عام 2018 مقابل 65% خلال عام 2024.

ونوهت إلى أنه لا يزال هناك بعض الفجوات في الطلبات على هذه النوعية من السفن بقطاعات السفن البحرية والعبّارات وناقلات البضائع السائبة الأصغر حجمًا.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية، في تقرير حديث لها، ارتفعت الانبعاثات الناتجة عن الشحن بمقدار الثلث تقريبًا خلال القرن الحالي.

ويأتي هذا في ظل استمرار استخدام السفن أنواع الوقود ذاتها لسنوات طويلة.

مشروعات إزالة الكربون

وبدأت كبرى الشركات العالمية المنتمية لصناعة الشحن في الاتجاه لتنفيذ مشروعات إزالة الكربون.

وأعلنت “ميرسك” الدنماركية منذ عام 2018 اتجاهها لخفض الانبعاثات الكربونية بنحو 60 % بحلول 2030.

كما تخطط الشركة على جعل عملياتها خالية من الكربون في منتصف القرن.

مبادرة السعودية الخضراء

بادرت المملكة باتخاذ خطوات واضحة لخفض انبعاثات الكربون، انطلاقًا من مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.

وطرحت الهيئة العامة للموانئ “موانئ” مبادرات رائدة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمبادرة “السعودية الخضراء” التي تركز على تقليل الانبعاثات.

بالإضافة إلى الإشراف على أعمال مكافحة تغير المناخ، وخفض استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون بشكل جماعي.

خفض استهلاك الطاقة

ويأتي ذلك في إطار مبادرة “الموانئ الخضراء” التي تستهدف المملكة من خلالها خفض استهلاك الطاقة بنسبة 15 %.

وتسعى المملكة لتحقيق ذلك عبر تقليل الاعتماد على مادة الديزل لخفض انبعاثات الكربون، وتحسين الأداء التشغيلي.

وكانت هيئة “موانئ”، ممثلة في ميناء جدة الإسلامي، قد حازت على جائزة “أفضل ميناء في عام 2022″، ضمن جوائز القمة العالمية للشحن الأخضر.

وجاءت الجائزة تتويجًا للإنجازات التي تحققت في مجالات الاستدامة والطاقة، وتطبيق أحدث التقنيات والحلول المُبتكرة لضمان صناعة بحرية صديقة للبيئة.

مصر تساهم في تموين الوقود الأخضر

وفي أغسطس 2023 تمت أول عملية تموين سفينة حاويات بالوقود الأخضر (الميثانول) بميناء شرق بورسعيد لـ “ميرسك”.

وتعد هذه السفينة هي أول سفينة حاويات في العالم تعمل بالوقود الأخضر.

ويأتي هذا تنفيذًا لخطة هيئة قناة السويس بتنفيذ عمليات تموين سفن الخط الملاحي بالميثانول الأخضر، وإحلال “الطاقة النظيفة”.

وتم إعلان ميناء شرق بورسعيد في 2017 كأول ميناء أخضر بمعايير الاتحاد الأوروبي والمعايير الدولية البيئية.

وحقق الميناء ذلك من خلال استخدام معدات صديقة للبيئة أثناء عمليات التداول لبعض بضائع الصب الجاف.

أول عبّارة للركاب بالهيدروجين

وفي مجال عبّارات الركاب، بدأت أول عبّارة ركاب تجارية تعمل بالهيدروجين مهامها في خليج سان فرانسيسكو.

ويعد هذا تنفيذًا لخطط التقليص التدريجي من السفن التي تعمل بالديزل، وتقليل انبعاثات الكربون التي تسبب الاحتباس الحراري.

الشحن التوربيني

تعالت الأصوات المنادية باستخدام تقنية الشحن التوربيني بقطاع الشحن البحري؛ لدورها في الاستعمال الفاعل للوقود المحايد كربونيًا.

وتعمل شركة “أكسيليرون” السويسرية على تصميم حلول الشاحن التوربيني البحري خصيصًا للوقود البديل؛ منها: الهيدروجين والميثانول والأمونيا والوقود الحيوي.

ارتفاع معدل انبعاثات الكربون خلال 2024

وأكد أحدث تقرير لمنصة CZapp، أن قطاع شحن الحاويات شهد أكبر نسبة ارتفاع في معدل انبعاثات الكربون خلال النصف الأول من عام 2024.

وبلغت نسبة زيادة انبعاثات السفن العاملة في هذا المجال 15 %، بحسب تقرير المنصة التي تركز على تحسين سلاسل التوريد.

ارتفاع انبعاثات الكربون خلال 2024

وهو ما اتفق معه تحليل منصة Xeneta، بأن انبعاثات الكربون في شحن الحاويات عبر المحيط ارتفعت بشكل كبير خلال النصف الأول من 2024.

وجاء هذا على الرغم من وجود تحسن طفيف في الربع الثاني مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى. بحسب المنصة الخاصة ببيانات سوق الشحن البحري والجوي.

وقالت المنصة إن مؤشر انبعاثات الكربون التابع للمنصة وصل إلى مستوى قياسي بلغ 107.5 نقطة خلال الربع الأول من عام 2024.

كما أضافت أن مؤشر الانبعاثات، المسؤول عن قياس معدل انبعاثات شحن الحاويات، انخفض إلى 98.6 نقطة في الربع الثاني من العام ذاته.

تأثير أزمة البحر الأحمر

ووفقًا لتقرير”Xeneta” أثرت أزمة البحر الأحمر بشكل ملحوظ في حركة نقل الحاويات والشحن البحري؛ نتيجة الهجوم الحوثي على السفن التجارية بالمنطقة.

وأكد أن الأزمة أثرت بالسلب في 3 مسارات عالمية، وهي: من الشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق الأقصى إلى شمال أوروبا.

كذلك من الشرق الأقصى إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة؛ ما أدى إلى زيادة معدلات انبعاثات الكربون ربع السنوية.

مستويات قياسية لشحن الحاويات

من جانبها، قالت إميلي ستاوسبول؛ محللة السوق في “Xeneta”، إن عام 2024 شهد مستويات قياسية من الطلب على شحن الحاويات.

وأضافت أن تنامي الطلب أدى إلى زيادة إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من أسطول شحن الحاويات العالمي.

كما رأت منظمة الأمم المتحدة أن المسافات أصبحت أطول نتيجة تغيير مسار سفن شحن عديدة من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح.

دور الذكاء الاصطناعي

ورجّحت شركة “أوركا إيه.آي”، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في ملاحة السفن قد يساهم في خفض انبعاثات الكربون بنحو 47 مليون طن سنويًا.

وجاء ذلك بحسب الدراسة التي أجرتها الشركة مؤخرًا، وهي الشركة الناشئة المعنية بالشحن البحري الآلي.