حوار| “فرنسيس زكريا” يشيد بدور المملكة “النشط جدًا” في الرابطة الدولية للمساعدات البحرية

الملاحة البحرية

في عالم يتغير بسرعة بفعل التطورات الجيوسياسية والتكنولوجية، تزداد أهمية السلامة البحرية والحفاظ على البيئة البحرية؛ لذا كان لـ”عالم الموانئ” هذا الحوار مع فرنسيس زكريا؛ الأمين العام للرابطة الدولية للمساعدات البحرية للملاحة وسلطات المنارات.

يتطرق الحوار إلى التحديات التي تواجه الملاحة البحرية، والرؤية المستقبلية للرابطة، وأهمية التعاون الدولي في مواجهة الأزمات البحرية.

– ما رأيك في الأحداث المؤسفة بالبحر الأحمر، وهل تعتقد أنها ستجد طريقها للحل قريبًا؟

يُؤثر الوضع الحالي بالبحر الأحمر سلبًا في حركة الشحن العالمية؛ لأنه ممر حيوي للتجارة العالمية، تمر عبره السفن التجارية التي تنقل البضائع إلى مختلف أنحاء العالم.

ولا أملك معلومات دقيقة حول متى سيتم حل هذه الأزمة، لكنني آمل أن تُحل قريبًا. ومن المهم أن نعمل جميعًا على إيجاد سبل لتخفيف حدة هذه الأحداث التي تضر بالملاحة البحرية والاقتصاد العالمي.

بدائل فعّالة

– كيف تغير مفهوم السلامة البحرية في ظل المتغيرات الجيوسياسية وتطورات قواعد المنظمة البحرية الدولية؟

تؤثر المتغيرات الجيوسياسية على نحو كبير في السلامة البحرية، بالإضافة إلى عوامل أخرى؛ مثل التغير المناخي.

ونحن في الرابطة الدولية للمساعدات البحرية للملاحة وسلطات المنارات، نركز على وسائل الملاحة التي تُعد ضعيفة، خاصة الرقمية.

وأهم تلك الوسائل: أنظمة الملاحة العالمية وأنظمة تحديد المواقع، والتي رغم أهميتها، تتعرض لمخاطر بسبب الكوارث الطبيعية والأحداث البشرية.

وقد أظهر العديد من الحوادث الموثقة تأثير فقدان هذه الأنظمة في حركة السفن؛ ما يؤكد أهمية وجود بدائل فعّالة.

في الوقت الحالي، لا توجد بدائل فورية لأنظمة الملاحة العالمية، لكن لجان الرابطة تعمل على تطوير أنظمة جديدة واعدة؛ مثل نظام “وضع النطاق” وحلول أخرى.

ويسرني ذكر أن الرابطة تحظى بوضع استشاري مع المنظمة البحرية الدولية منذ عام 1961؛ حيث نقدم الدعم الفني حول وسائل الملاحة وأنظمة حركة السفن.

– أحدثت الثورة الصناعية الرابعة تغييرات جذرية في صناعة الشحن، أليس كذلك؟

بالطبع، الثورة الصناعية الرابعة أحدثت تغييرات جذرية في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك صناعة الشحن. ومع ذلك، يبدو أن القطاع البحري ما زال متأخرًا قليلًا، مقارنة بقطاعات أخرى في مجال التحول الرقمي.

لكن، من المتوقع أن تحدث الاتصالات القادمة من الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة ثورة في هذا القطاع خلال المستقبل القريب؛ حيث تسمح بتواصل فعال في جميع أنحاء العالم بتكلفة منخفضة.

وكانت الرابطة منخرطة منذ البداية في إستراتيجية “التنقل الإلكتروني” التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية، وشاركنا في العديد من المشاريع الجديدة المثيرة.

إذا كنا نريد نجاح هذا الجدول الزمني الطموح للتحول الرقمي، فيجب توحيد الحلول؛ فلدينا في الرابطة هدفان رئيسان: تطوير وتوحيد الحلول؛ وهو ما يتطلب تعاونًا وثيقًا بين المنظمات الدولية.

حاليًا، يعد مشروع بيانات “S -100” واعدًا عندما يتعلق الأمر بتوحيد الحلول الرقمية، والذي تديره المنظمة الهيدروغرافية الدولية.

وتكون الرابطة مسؤولة عن سجل “S -200” كما يقول المثل: “يريد الجميع التوحيد، لكن لا أحد يريد أن يتم توحيده”. ومع ذلك، أؤمن بأننا سننجح في النهاية، فالمستقبل يحمل الكثير من الفرص.

دور الرابطة

– ما دور الرابطة اليوم بعد حصولها على الاعتراف الدولي وأصبحت منظمة حكومية دولية؟

يمثل الانتقال إلى منظمة حكومية دولية فصلًا جديدًا في تاريخ الرابطة؛ ما يتيح لنا العمل بشكل أكثر قربًا مع أعضائنا وشركائنا لضمان الملاحة البحرية الآمنة والمتناغمة على المستوى العالمي.

وأؤكد أنه في أوقات النزاعات والحروب، فإن إنشاء منظمة دولية مثل الرابطة، التي تجمع الناس من جميع أنحاء العالم بروح التعاون والتسوية، تبرز أهمية الفهم والاحترام المتبادل.

إن الأزمات السياسية والنزاعات تؤثر في جميع القطاعات، ومن بينها الملاحة البحرية. لذا؛ يتطلب دورنا- كمنظمة- تعزيز الحوار والتفاهم بين الدول الأعضاء؛ ما يسهم في تحقيق استقرار الملاحة البحرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون الدولي.

تعزيز سلامة الملاحة العالمية

– ما آلياتكم لتعزيز سلامة الملاحة العالمية وحماية البيئة البحرية، وهل تقتصر فقط على الدول الأعضاء؟

تتمثل آليتنا في تقديم المعايير والتوصيات والإرشادات لتنفيذ التطورات المهمة في القطاع البحري.

وتسعى الرابطة إلى جمع الحكومات والمنظمات المعنية بتنظيم وتوفير وصيانة أو تشغيل وسائل الملاحة البحرية من أجل تعزيز الأهداف التالية:

(أ) تعزيز الحركة الآمنة والفعالة للسفن من خلال تحسين وتوحيد وسائل الملاحة البحرية عالميًا لفائدة المجتمع البحري وحماية البيئة البحرية.

(ب) تعزيز الوصول إلى التعاون الفني وبناء القدرات في جميع المسائل المتعلقة بتطوير ونقل الخبرات والعلم والتكنولوجيا فيما يتعلق بوسائل الملاحة البحرية.

(ج) تشجيع وتسهيل التبني العام لأعلى المعايير الممكنة في الأمور المتعلقة بوسائل الملاحة البحرية.

(د) توفير تبادل المعلومات حول الأمور التي تتناولها الرابطة.

ونؤمن بأن التعاون بين الدول الأعضاء والدول الأخرى أمر حيوي لتحقيق أهداف السلامة البحرية وحماية البيئة؛ فنحن نعمل على تعزيز الشراكات مع مختلف الجهات المعنية.

ومن تلك الجهات، المنظمات غير الحكومية والمجتمع الأكاديمي؛ لنشر الوعي وتعزيز المعرفة حول أهمية السلامة البحرية والحفاظ على البيئة.

– السعودية من بين أربع دول عربية ضمن عضوية الرابطة، فإلى أي مدى أدت دورًا في أنشطتها؟

تاريخيًا، كانت السعودية والدول العربية نشطة جدًا في الرابطة؛ حيث شاركت في أعمال اللجان والعمليات الدبلوماسية المعقدة.

من خلال العمل الدبلوماسي الجاد، تمكنوا من جعل اللغة العربية من اللغات الرسمية للرابطة.

ويعد الشحن حيويًا لمعظم الدول العربية، كما أن هناك وسائل ملاحة معقدة ومتطورة في الخليج تحتاج إلى تطوير وصيانة دقيقة؛ لذا تستفيد الدول العربية من عضوية الرابطة.

كما تستفيد الرابطة من معرفة زملائنا الجيدين من هذه الدول سواء من السلطات الوطنية أو الشركات الخاصة.

ويسهم التعاون بين الدول الأعضاء في الرابطة في تعزيز السلامة البحرية، ويظهر التزام الدول العربية بتطوير البنية التحتية البحرية وتحسين معايير السلامة.

الخطط المستقبلية

– ما خططكم المستقبلية؟ هل ستقبلون المزيد من الدول كأعضاء؟

بالنسبة إلى مستقبل الرابطة، أتمنى أن تصبح جميع الدول الساحلية أعضاء بالمنظمة، وتتفق على تطوير وتوحيد وسائل الملاحة البحرية.

ولست مثل من يخافون المستقبل الرقمي والتكنولوجيا الذكية، لكننا بحاجة إلى توحيد الجهود؛ لأن الشحن هو أكثر القطاعات في العالم.

هناك مجال للتحسين في القطاع البحري؛ لأننا ما زلنا محافظين قليلًا. يجب أن ندرك أن القطاع مدفوع أساسًا بحالات العمل والتنظيم.

يجب أن تدعم جميع الحلول الرقمية. وأعتقد أنه كانت هناك ميول نحو وجود حل يبحث عن مشكلة في الماضي، لكن هذه الأوقات قد ولَّت. وعلينا وضع حلول تساعد في خلق حالة عمل جيدة، وتساعد في تجاوز التنظيم، وفي الوقت نفسه حماية البيئة البحرية؛ فهذه هي القضايا الأساسية للرابطة.

– ما إستراتيجيتكم للعمل بالتوازي مع التغيرات الرقمية والأتمتة وعصر التكنولوجيا الذكية؟

إن التحول الرقمي والأتمتة جزء لا يتجزأ من رؤية المستقبل؛ إذ نعمل على دمج التكنولوجيا الحديثة في جميع عملياتنا.

ونحرص على أن تكون لدينا إستراتيجيات فعّالة للتكيف مع التغيرات السريعة في مجال الملاحة البحرية.

ونؤمن أن هذه الجهود ستساعدنا على تقديم خدمات أفضل لأعضاء الرابطة وتعزيز السلامة البحرية بشكل شامل.