د.عبد الوهاب كامل مستشار رئيس الاكاديمية البحرية للمساحة البحرية يكتب: الملاحة البحرية

تعرف الملاحة البحرية بأنها علم إيجاد الاتجاه الصحيح للوصول من موقع إلى موقع آخر بأمان، والكلمة ملاحة (Navigation) مأخوذة من كلمتين لاتينيتين الأولى “Navis” ومعناها “سفينة” والثانية “ageve” ومعناها “تحرك”، وحتى بداية القرن العشرين، كان علم الملاحة يختص بإبحار السفن فقط دون باقي وسائل النقل الأخرى، ولكن الآن تستخدم كلمة “ملاحة” لدراسة التحركات على الأرض وفى الهواء وفى الفضاء أيضاً.

     كما أن الملاحة البحرية هي علم حساب مسار السفينة من موقع إلي آخر علي سطح الكرة الأرضية، فهي أيضاَ، العلم المُستخدم في تخطيط وتنفيذ ومتابعة مسار السفينة أثناء إبحارها من موقع إلي آخر وتصحيحه إن لزم الآمر (من نقطة البداية إلى نقطة النهاية)، علي سطح الكرة الأرضية، بطريقة آمنة واقتصادية، وذلك باستخدام العلوم والتقنية. (Bowditch, 2005) & Admiralty Manual of Navigation, vol.1, 1987))

     عُرًفت الملاحة بأنها فن ومهارة إيجاد المسار من موقع إلي آخر علي سطح الكرة الأرضية.

وبدأت الملاحة بغرض انتقال الناس ثم البضائع من مكان لآخر، ثم بعد ذلك بغرض اكتشاف الخامات في أماكن متفرقة مما استلزم استخدامها لنقل تلك الخامات من مكان لآخر، وبذلك أصبح للملاحة البحرية تحدِ واضح ومُحًدد حيث إن الهدف الأساسي هو سلامة الملاحة البحرية، وبمعني أدق سلامة الطاقم والبضائع المنقولة والسفينة. وينطبق هذا على السفينة سواء كانت تقوم بنقل الركاب أو البضائع، كما أصبحت سلامة البيئة البحرية والمحافظة عليها من أهداف الملاحة البحرية.

     وتُعرَّف الملاحة البحرية بأنها العلم والتكنولوجيا المستخدَميْن فى تخطيط ومتابعة وتعديل مسار السفينة على سطح الأرض بين موقعين بطريقة آمنة واقتصادية.

     بدأ السعي للاستفادة من التطور التكنولوجي لإنشاء النظم الملاحية، بحيث تحقق إمكانية

تحديد موقع السفينة في جميع الأماكن وجميع الأوقات وجميع الظروف الجومائية.

وقد وضعت العناصر التالية كأساس للنظام الملاحي المتكامل والتي يجب أن يحققها وهى أن يكون:

  • صالحاً لجميع المناطق.
  • صالحاً للعمل فى جميع الأحوال والظروف الجومائية المختلفة.
  • صالحاً للعمل فى جميع الأوقات (متاح لمدة 24 ساعة فى اليوم).
  • ممكناً استخدامه بمعرفة عدد غير محدود من المستخدمين فى نفس الوقت.
  • تكون المواقع المتحصل عليها فى الوقت الحقيقي وليست فى وقت سابق وبصفة مستمرة.
  • متكاملَ البيانات (المعلومات المحسوبة) مع عرضها آلياً.
  • ذا دقة تفي وتحقق متطلبات الملاحة.

     عند بدء استخدام النظم الملاحية، مثل نظام كونسول ونظام أوميجا كانت قيمة الخطأ في تحديد الموقع عالية، كما كانت توجد مناطق عديدة من سطح الأرض غير مغطاة بالأنظمة الملاحية مما استلزم الاستمرار فى استخدام الملاحة الفلكية لتغطية تلك المناطق (مثل المحيطات) بصفة أساسية حتى دخل النظام الملاحي الإلكتروني أوميجا إلى الخدمة فى عام 1958. وتتناسب درجة الدقة المطلوبة في الموقع أثناء الإبحار، مع مسافة أقرب خطأ ملاحي (مسافة المرور أو الاقتراب منه) من السفينة، وأيضاً يتناسب عدد المواقع المرصودة مع مسافة البعد عن الساحل.

     ونظراً لعدم توافر وجود نظام ملاحي يحقق التغطية الكاملة لسطح الكرة الأرضية بالكامل ويعمل فى جميع الظروف الجوية وجميع الأوقات، فقد تم تقسيم الملاحة إلي الأقسام التالية:

  • الملاحة داخل الميناء.
  • الملاحة في الممرات الملاحية والقنوات الضيقة.
  • الملاحة القريبة من الساحل.
  • الملاحة في أعالي البحار.

     خلال الإبحار في الميناء تكون السفينة خاضعة للإرشاد، حيث يقوم المرشد بتقديم النصائح اللازمة لربان السفينة، بينما عند الإبحار في الممرات الملاحية والقنوات الضيقة والمياه المقيدة يتم الاسترشاد بصرياً بالمساعدات الملاحية الموجودة بالمنطقة، بينما عند الإبحار بجوار الساحل (الملاحة الساحلية) يتم تحديد موقع السفينة بواسطة المساعدات الملاحية المرئية والاعتماد علي الرادار والنظر أحياناً، ويتم الاعتماد أساساً علي الأنظمة الملاحية لإيجاد الموقع والملاحة الفلكية عند الإبحار بعيداً عن الساحل (إذا سمحت الأحوال الجوية بذلك)، مع أهمية وضرورة وجود أنظمة لتفادي التصادم.

كما أن السفينة تتأثر بالظروف البيئية الموجودة فيها خلال إبحارها مثل الرياح والتيارات البحرية وحالة البحر، وهذه العوامل تؤثر على السفينة مما يجعلها تنحرف عن المسار المخطط للإبحار عليه، كما أن السفينة تتأثر بحركة المدر (المد والجزر) والأعماق الضحلة عند الإبحار بالقرب من الساحل، علاوة على أن الضباب والأمطار وظروف الرؤية بصفة عامة تؤثر على إمكانية القيام بالرصدات الفلكية، لذلك يتم الإبحار طبقاَ لقواعد ملاحية معينة عند الإبحار بالقرب من مناطق الثلج لتفادى الارتطام به. وجميع هذه العوامل البيئية تؤثر، بلا شك، على مسار السفينة وتسبب انحرافها عنه.

     وتختلف الدقة المطلوبة في موقع السفينة في كل مرحلة عن الآخري، وبالتالي فإنه من الأهمية أن يتم الاستفادة والاستعانة بالعديد من العلوم المرتبطة بالملاحة البحرية، والتي أثرت وساعدت بدرجة كبيرة في تطور الملاحة البحرية، مثل الرياضيات، وحساب المثلثات، والصوتيات ونظريات الصدى، والأرصاد الجوية، والاتصالات، والإلكترونيات، والفيزياء، وعلوم الحاسب الآلي.

تقسيم الملاحة البحرية

   أيضاً، تم تقسيم الملاحة البحرية من حيث الهدف إلي عدة أقسام رئيسية ، منها:

  • ملاحة خاصة بالسفن التجارية (لنقل البضائع المختلفة).
  • ملاحة خاصة بسفن نقل الركاب.
  • ملاحة خاصة بالسفن الحربية (مهام تدريبية، مهام روتينية، مهام قتالية).
  • ملاحة خاصة بسفن الصيد.
  • ملاحة خاصة بأعمال البحث والتنقيب عن البترول.
  • ملاحة خاصة بأعمال تحت الماء (المساحة البحرية – بث وانتشال الكابلات البحرية ).

    باستعراض تطور الملاحة البحرية، نجد أنها بدأت في المراحل والعصور الأولي بالاعتماد علي المهارات ثم بعد ذلك المهارات والعلوم ثم بعد ذلك اعتمدت تماماً علي العلوم والآن تعتمد اعتمادا كلياً علي العلوم والتكنولوجيا.

لقد مرت الملاحة البحرية بمراحل عديدة وتطورات كثيرة حني وصلت إلي ما هي عليه الآن.

وخلال تلك الفترات والحقب زاد عبء العمل Work Load كثيراَ علي الملاح حني بدأ الاعتماد في العمل علي استخدام التسهيلات التي حققها له التطور العلمي والتكنولوجي (مثل الآلة الحاسبة والكمبيوتر).

     ورغم ذلك، زادت مسئوليات الملاح زيادة جسيمة، حيث إنه مطلوب منه خلفية علمية جيدة Scientific Background Good، لذلك فإن التطور العلمي والتكنولوجي المتلاحق والمستمر يحتم أن يكون الملاح ذا مواصفات وتأهيل علمي معين يتناسب ويتماشي مع التطور المستمر في الأجهزة والمعدات الملاحية بعد إدخال النظم الملاحية الحديثة.

3-2 طــرق الملاحــة البحريــة

توجد أربعة طرق رئيسية للملاحة البحرية هي:

  • الملاحة الساحلية Coastal Navigation.
  • الموقع الحسابي (D.R) .Dead Reckoning
  • الملاحة الفلكية Celestial Navigation.
  • الملاحة الالكترونية Electronic Navigation.

     فى الملاحة الساحلية، يقوم الملاح برصد اتجاهات ومسافات للأغراض الملاحية الساحلية لتحديد الموقع المرصود للسفينة.

وفى الملاحة بطريقة إيجاد الموقع الحسابي، يقوم الملاح بتقدير موقع السفينة بناء على حسابات دقيقة متعلقة بسرعة السفينة واتجاه حركتها (خط سيرها فى البحر) ابتداء من موقع مرصود بدقة.

وأما فى الملاحة الفلكية، يقوم الملاح بتقدير موقع سفينة معتمداً على مواقع وحركة الشمس والقمر والنجوم والكواكب الملاحية.

أما فى الملاحة الالكترونية، يقوم الملاح بتقدير موقع السفينة مستخدماً بعض الأجهزة الالكترونية مثل الرادار أو أي نظام ملاحي آخر مثل نظام الحصول على الموقع بواسطة المنظومة العالمية لتحديد الموقع بالأقمار الاصطناعية GPS.

وتعتمد هذه الأجهزة المساعدة على ظاهرة انتشار الموجات الكهرومغناطيسية والفروق فى زمن استقبال هذه الموجات المرسلة من أغراض معلومة مواقعها والفروق بين استقبال الموجات الكهرومغناطيسية والموجات الصوتية.

3-3 الملاحــة الساحليــة

     يقوم الملاح بتوجيه سفينته معتمداً على مراقبة مواقع واتجاهات بعض العلامات الملاحية الأرضية والتي يمكن رؤيتها مثل الفنارات والعائمات وعلامات تحديد الاتجاه (Beacons) والأغراض الأرضية المرتفعة وقياس الأعماق.

ويعتمد الملاح في الملاحة الساحلية علي تحديد اتجاهات الأغراض والعلامات الساحلية، فاتجاه غرض ساحلي، هو الزاوية المحصورة بين اتجاه الشمال الحقيقي واتجاه الخط الواصل بين السفينة وهذا الغرض، وتستخدم اتجاهات هذه الأغراض الساحلية لتحديد موقع السفينة بدقة علي الخريطة، حيث إن تقاطع خطى اتجاه آنيين لغرضين ساحليين يحدد موقع السفينة بدقة (موقع مرصود(، وتستخدم البوصلات، بعد تصحيح أخطائها (المغنطيسية أو الجايرو) فى معرفة الاتجاه.

وتنقسم خطوط الموقع فى الملاحة الساحلية إلى:

  • خطوط الموقع المستقيمة Straight Position Lines.
  • خطوط الموقع الدائرية. Circular Position Lines.
  • خطوط الموقع على شكل القطع الزائد .Hyperbolic position Line

ويمكن الحصول علي خط الموقع بأحدي الطرق التالية :

  • خط اتجاه (بوصلي، حقيقي، اتجاه نسبي، خط انطباق).
  • الرصد المباشر للمسافة (بالرادار).
  • الرصد غير المباشر للمسافة (المسافة بقياس الزاوية الرأسية لغرض معلوم ارتفاعه).
  • الزاوية الأفقية بين غرضين.
  • مسافة لغرض معلوم ارتفاعه بآلة إيجاد المسافة.
  • مدى غرض معين لحظة ظهوره أو اختفائه.
  • قياسات الأعماق.
  • أجهزة تحديد الموقع بالراديو.
  • مسح جانبي للعمق بجهاز تحديد الأعماق بالصدى.

ويتم الحصول على الموقع المرصود للسفينة بإحدى الطرق التالية :

  • تقاطع اتجاهين.
  •  تقاطع مسافتين.
  • تقاطع اتجاه ومسافة
  • تقاطع اتجاه وعمق.
  • تقاطع تجاه وزاوية أفقية أو زاوية رأسية بآلة السدس.
  • تقاطع خط انطباق واتجاه.
  • تقاطع اتجاهين لغرض واحد بينهما سير (الموقع المحدد بالترحيل Running Fix).
  • تقاطع خط تساوى الأعماق (كونتور العمق) مع خط اتجاه أو مسافة لغرض مرصود.
  • تقاطع مسافة وزاوية أفقية أو زاوية رأسية بآلة السدس.
  • تقاطع خطى موقع بواسطة نظام ملاحي بالراديو.
  • تقاطع خطى موقع فلكي (رصده للشمس، للقمر، لنجم، لكوكب ملاحي).

وتتفاوت درجة الدقة فى الموقع المرصود باختلاف طريقة الحصول على الموقع.