فرنسا تتحدي نفسها وتسارع الخطى نحو «صفر انبعاثات كربونية» في النقل البحري

تَسرّع فرنسا خطواتها نحو تنفيذ توصيات قمم المناخ، وآخرها “كوب 28″، تعمل على تحقيق هدف صفر انبعاث كربون في مجال النقل البحري، وتستفيد من مساحاتها البحرية الواسعة بلغت 11 مليون كيلومتر مربع، حيث تضم 22 في المئة من المناطق البحرية المحمية على مستوى العالم.

فرنسا تهدف إلى صفر انبعاث كربون في مجال النقل البحري

كما تمتد سواحل فرنسا على طول 20 ألف كيلومتر، موزعة بين المحيطات الثلاثة: الأطلسي والهندي والهادئ، وتشمل البحار المختلفة من بحر المانش إلى بحر الشمال وصولاً إلى البحر المتوسط.

 

وتسعى فرنسا أيضًا لتحقيق أهداف بيئية وبحرية، من خلال خفض انبعاثات الكربون وتعزيز اقتصادها الأزرق، مستفيدة من موقعها الجغرافي كرابط بين القارات الثلاث في مجال النقل البحري، وتُعكِف على تحسين تأثيراتها في منطقة البحر الأحمر وآثارها البيئية على مياه قناة بنما.

 

الشحن البحري
الشحن البحري

ومن أجل التصدي لتغير المناخ، تعمل جميع قطاعات النقل الفرنسية على تحسين تقنياتها، حيث يُعَدّ النقل البحري مصدرًا لتراكم غازات الاحتباس الحراري والبقايا في قاع البحار.

تقليل انبعاثات الكربون في نشاطها

لذا تعمل الشركات الكبيرة على تقليل انبعاثات الكربون في نشاطها، ويُطرح التساؤل حول مدى قدرتها على تحقيق ذلك والوسائل المستخدمة.

 

كما يُشير إلى أن عدة دول قد بدأت في اعتماد استراتيجيات لتقليل انبعاثات الكربون في النقل البحري، وبعضها يستهدف التوصل إلى صفر انبعاث بعد عام 2050.

 

وتسعى فرنسا حاليًا إلى تعزيز مواقعها الاستراتيجية في منطقة الانتيل، وتقوم بتطوير موانئها الكبرى في غوادلوب ومارتينيك، بهدف تعزيز وجودها الجيواستراتيجي في منطقة الكاريبي وآسيا والمحيط الهادئ.

فرنسا تعلن عن مشروع إقامة أكبر مركز لاستقبال وتخزين الحاويات

وقد أعلنت عن مشروع إقامة أكبر مركز لاستقبال وتخزين الحاويات، وإعادة تحميلها بين السفن، الذي من المتوقع أن ينطلق في عام 2025، ويتضمن هذا المشروع عقد شراكة متعدد الأطراف بين فرنسا ومناطقها ما وراء البحار، وإدارات الموانئ، والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى شركة النقل العالمية “سي أم أي، سي جي أم” برئاسة رودولف سعادة.

 

والهدف من المشروع هو تعزيز التواصل بين موانئ أوروبا، بدايةً من ميناء لوهافر، وموانئ الكاريبي، التي تعتبر نقطة اتصال حيوية بين أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية.

اقرأ أيضاً: شركة MOL اليابانية تنجح في تجربة الشحن الصديق للبيئة

ويبلغ إجمالي تكلفة المشروع 260 مليون يورو، حيث ساهمت إدارة ميناء غوادلوب بمبلغ 70 مليون يورو، وساهمت “سي أم أي، سي جي أم” بمبلغ 35 مليون يورو، ويتسم المشروع بالاعتماد على الطاقة الخضراء، حيث تُشغل السفن بمبدأ “الممر الأخضر”.

تحقيق نقل بحري خالٍ من الانبعاثات الكربونية

كما تعتبر السلطات الفرنسية أن هذا الاتفاق المتعدد الأطراف يشكل نموذجًا جديدًا في إدارة الموانئ، ويمثل نقلة هامة نحو تحقيق نقل بحري خالٍ من الانبعاثات الكربونية.

ويُظهر المشروع النجاح السريع ويمثل تحديًا مهمًا لتحقيق نقل بحري صديق للبيئة، وفقًا لتصريحات وزير المواصلات الفرنسي السابق إيمانويل بون.

 

وفي هذا السياق، أصدرت المنظمة البحرية الدولية قرارًا يستهدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 40٪ بحلول عام 2030، حيث تعتبر الصناعات البحرية لنقل البضائع أنها يمكنها تحقيق تلك الزيادة من 40٪ إلى 100٪. تحظى هذه الفكرة بتأييد عدة شركات بحرية دولية، منها “ميرسك” و”سي أم أي سي جي أم” و”أم أس سي”، التي تعتزم تحقيق نقل بحري خالٍ من الكربون بحلول عام 2030.

 

وفيما يتعلق بالتكنولوجيا المستخدمة لتحقيق مصادر الطاقة الخالية من الكربون، تم إنشاء صندوق استثمار بقيمة 1.5 مليار يورو، حيث ساهمت شركة “سي أم أي سي جي أم” بمبلغ 300 مليون يورو.

اقرأ أيضاً: ميرسك تتسابق نحو الريادة العالمية لتوسيع آفاق الهيدروجين الأخضر

وتسعى السلطات الفرنسية إلى تنسيق استراتيجيات الاستفادة من الموانئ كمساحة صناعية، وتسعى لاستكشاف تكنولوجيا مثل الهيدروجين وغيرها لتحقيق أهدافها.

فرنسا تدرج في خطتها الاقتصادية النقل البحري

وفي سياق متصل، أدرجت فرنسا في خطتها الاقتصادية لعام 2019 النقل البحري كقطاع حيوي، حيث يشكل النقل البحري 90٪ من التجارة الدولية، وفقًا لأمم متحدة.

وتوضح إحصاءات المجموعة الاقتصادية لأوروبا الغربية أن الاقتصاد البحري العالمي قد حقق 1500 مليار دولار في عام 2010، ومن المتوقع أن يصل إلى 3000 مليار دولار بحلول عام 2030.

 

وتأتي أهمية مركز التخزين والتفريغ في منطقة الانتيل في الكاريبي في إطار التحولات الاستراتيجية والاقتصادية والصناعية والبيئية التي يشهدها مرفقا الغوادلوب والمارتينيك.

فرنسا تسعى كبوابة لممر بحري جديد

وسيسهم هذا الاستثمار في تعزيز التواصل بين أوروبا والكاريبي وأميركا الجنوبية، ويقوي دور الأنتيل الفرنسية كبوابة لممر بحري جديد، نظرًا لقربها من قناة بنما والأميركيتين.

 

وتهدف شركة “سي أم أي، سي جي أم” إلى تأمين رحلة أسبوعية إلى غويانا الفرنسية، مع التركيز على تحقيق الكربون الصفري وتطوير البنية التحتية للمرافئ.

اقرأ أيضاً: أوبسيلوج الفرنسية تبتكر تقنية لتقلل انبعاثات سفن الخدمات

والخطة تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف وتحسين التركيبة التحتية لمواكبة الزيادة المتوقعة في حجم المعاملات، كما أن شركة “سي أم أي، سي جي أم” ستساهم في تأهيل البنية التحتية للمرافئ، مع التركيز على رسو أسطول السفن الجديدة وتلبية احتياجات البضائع والسلع.

فرص عمل جديدة

هذه الاستثمارات ستعزز الاقتصاد في الجزر المعزولة وتخلق فرص عمل جديدة في القطاعات المرتبطة بالمرافئ، وشركة “سي أم أي، سي جي أم” تعمل على زيادة قدرتها على النقل والتفريغ لتسهيل إعادة النقل بين الموانئ في الكاريبي وأميركا الوسطى والأميركيتين.

وبدوره أكد رئيس الشركة التزامهم بالاستثمار على المدى الطويل، مع التركيز على رؤية مستقبلية تتجاوز النقل البحري وتعزز التواصل في المنطقة.

ما وراء البحار وشركة النقل البحري

واستنادًا إلى هذا المشروع، تطمح فرنسا إلى تطوير استراتيجيتها البحرية كقوة عابرة عظمى تمتد عبر البحار، حيث يلعب الأنتيل والكاريبي دورًا مهمًا في العقود المقبلة، كما تم إطلاق التحالف بين الدولة والمناطق ما وراء البحار وشركة النقل البحري “سي أم أي سي جي أم”.

 

ويشير وزير الدولة الفرنسي للبحار إلى أن المشروع يمثل مصلحة استراتيجية اقتصادية وتنموية، حيث ترى جامايكا أهمية هذا المشروع في تسريع اندماجها في التجارة العالمية.

اقرأ أيضاً: انطلاق أول سفينة لشركة CMA CGM الفرنسية تعمل بالطاقة الخضراء إلى أبيدجان

واستنادًا إلى اتفاق قمة المناخ “كوب28” التي انعقدت في دبي في نوفمبر الماضي، تعمل الدول وشركات الشحن على تطوير خطة نقل بحري خالية من الكربون.

فرنسا تعمل على تعزيز وجودها

كما أن فرنسا تعتمد على استراتيجيتها البحرية، ومن المقرر أن تستضيف قمة الأمم المتحدة حول المحيطات في عام 2025، وتؤكد الأحداث في البحر الأحمر على أهمية النقل البحري في السيادة الاقتصادية والاقتصاد البحري في النظام الاقتصادي العالمي، وتأتي منطقة جزر الغوادلوب والمارتينيك في رأس قائمة المناطق التنافسية في الأنتيل، وتعمل فرنسا على تعزيز وجودها في هذه المنطقة الحيوية.

 

وتمتلك فرنسا 22860 كيلومترًا من الحدود البحرية مع 30 دولة، مما يجعلها الدولة الأولى عالميًا بهذه الحدود، وتحتل المرتبة الثانية عالميًا بالمساحة البحرية بعد الولايات المتحدة.

كما تسعى مارتينيك وغوادلوب إلى استغلال موقعهما في النصف الجنوبي للكاريبي، وأظهر تقرير الاقتصاد الأزرق في مناطق ما وراء البحار الفرنسية أن المنطقة الاقتصادية الحصرية في البحار الفرنسية تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.

قواعد عسكرية فرنسية

وتتمتع الأنتيل الفرنسية بمساحة اقتصادية خاصة تبلغ مساحتها 133582 كيلومترًا مربعًا، وتحتوي على موارد غنية، وتتضمن أربع قواعد عسكرية فرنسية في الأنتيل.

اقرأ أيضاً: موانئ دبي توقع اتفاقية شراكة لإدخال أنظمة الطاقة المتجددة في سلاسل التوريد

وتنتمي فرنسا إلى منظمة “دول الكاريبي الشرقية” و”مجموعة دول الكاريبي”، وتتمتع بوجود استراتيجي في منطقة تبادل تجارة بحرية تحتل ممرات استراتيجية بين الجزر الأساسية وعدة ممرات بحرية تصل إلى قناة بنما.

البحرية الفرنسية تحديات

وفي هذا الشأن، تواجه البحرية الفرنسية تحديات مثل القرصنة البحرية والتهريب والمخدرات، وتبقى هذه المساحات الشاسعة ذات أهمية استراتيجية على الطرقات البحرية الأكثر استخدامًا والسكك الحديدية في المانش وموزمبيق، بالإضافة إلى استثمار أعماق البحار في البحث عن ثروات معدنية وموارد نادرة.

اقرأ أيضاً: مجموعة CMA CGM تحقق تصنيف A- في فهرس الكربون لعام 2023