يعد قطاع إعادة تدوير السفن أحد المكونات الحيوية في الصناعة البحرية، إذ يربط بين نهاية عمر السفينة وفوائد اقتصادية وبيئية كبيرة.
ويتم تفكيك السفن إلى حديد ومعادن قابلة لإعادة الاستخدام، إضافة إلى المساهمة في التخلص من الوحدات القديمة غير الفعالة.
ويمر السوق في عام 2025 بمرحلة من الضعف الواضح، مع تراجع مستويات الطلب في مختلف المراكز العالمية. ما يثير القلق حول مستقبل القطاع على المدى القريب.
أداء ضعيف خلال الأسابيع الأخيرة
تراجع النشاط بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي في معظم الأسواق، سواء في جنوب آسيا أو مناطق أخرى.
جاء ذلك بحسب تقرير حديث صادر اليوم عن شركة Best Oasis المتخصصة في إعادة تدوير السفن.
وأكد التقرير أن الطلب كان منخفضًا، وأن الأسعار شهدت ضغوطًا هابطة نتيجة تراجع أسعار الصلب، وعدم إقدام ملاك السفن على طرح وحداتهم القديمة للبيع.
جنوب آسيا.. القلب النابض للسوق تحت الضغط
وأوضح التقرير أن دول جنوب آسيا مثل الهند وبنغلاديش وباكستان طالما كانت مراكز رئيسية في نشاط إعادة تدوير السفن.
وتحتوي هذه الدول على أحواض ضخمة تستوعب آلاف الأطنان من السفن سنويًا، إلا أن هذه الدول تواجه اليوم تحديات صعبة.
وأدى تراجع أسعار الصلب محليًا إلى ضعف قدرة المشترين على تقديم عروض تنافسية. بينما جعلت تقلبات الأسواق العالمية من الصعب على المستثمرين التنبؤ بالاتجاهات المقبلة.
وأكد التقرير أن هذا الوضع دفع العديد من المشترين إلى التريث، ما انعكس سلبًا على حجم الصفقات.
عزوف ملاك السفن عن البيع
أحد أبرز مظاهر ضعف السوق يتمثل في عزوف ملاك السفن عن إدخال سفنهم القديمة إلى أحواض التفكيك؛ فمع انخفاض الأسعار، يخشى المالكون من تكبد خسائر كبيرة عند البيع.
وبدلًا من ذلك، يفضّل الكثير منهم مواصلة تشغيل سفنهم رغم ارتفاع تكاليف الصيانة، أو انتظار فترة أفضل من حيث الأسعار، بحسب تقرير “Best Oasis”.
ويؤدي هذا السلوك إلى تقليل المعروض من السفن المقرر تفكيكها، وهو ما يزيد بدوره من حالة الركود في السوق.
ضغوط الأسعار وتأثيرها على الصفقات
انخفضت الأسعار المعروضة في أحواض إعادة التدوير بشكل ملموس مقارنة بالأسابيع الماضية، وهو ما أكدته Best Oasis في تقريرها.
أضعف هذا الانخفاض القدرة على إبرام صفقات جديدة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل التي تدفع الملاك إلى التفكير مرتين قبل بيع سفنهم.
وأكد تقرير “Best Oasis” أن انخفاض الأسعار يضعف جاذبية السوق للمستثمرين الساعين عن عوائد سريعة.
أبعاد بيئية وتشريعية
إلى جانب التحديات الاقتصادية، يواجه القطاع ضغوطًا متزايدة من القوانين واللوائح الدولية الخاصة بالسلامة والبيئة.
إذ تفرض المنظمة البحرية الدولية (IMO) ومعايير الاتحاد الأوروبي متطلبات صارمة على طريقة تفكيك السفن والتعامل مع المواد الخطرة.
تزيد هذه المعايير من التكاليف التشغيلية للمرافق، ما يضيف أعباء إضافية على الأسواق التي تعاني أصلًا من ضعف الطلب.
مقارنة تاريخية
بالمقارنة مع سنوات سابقة، يُظهر عام 2025 أداءً ضعيفًا على نحو لافت.
في أعوام مثل 2018 و2019، كان السوق نشطًا مدفوعًا بارتفاع أسعار الصلب وزيادة المعروض من السفن المتقادمة.
أما الآن، فإن عوامل مثل تباطؤ التجارة العالمية، ضغوط اقتصادية واسعة النطاق، وتشديد اللوائح البيئية أدت إلى تراجع النشاط بشكل متزامن.
آفاق مستقبلية
رغم الصورة القاتمة الحالية، لا يخلو المشهد من فرص. فالسوق قد يشهد انتعاشًا إذا ما ارتفعت أسعار الصلب أو تحسنت ظروف الاقتصاد العالمي.
كما أن التوجه المتزايد نحو الاستدامة قد يفتح فرصًا أمام أحواض إعادة التدوير التي تتبنى تقنيات صديقة للبيئة، وتلتزم بالمعايير الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد أعداد السفن المتقادمة التي تحتاج إلى إخراجها من الخدمة خلال السنوات المقبلة قد يوفر زخمًا جديدًا للسوق.
يبقى قطاع إعادة تدوير السفن في 2025 مرهونًا بعوامل خارجية معقدة تشمل أسعار الصلب، حركة التجارة العالمية، والقوانين البيئية.
وبينما يمر السوق حاليًا بمرحلة ضعف واضحة، فإن المرونة التي يتميز بها هذا القطاع وإمكانية التكيف مع المتغيرات قد تمنحه فرصة للتعافي على المدى المتوسط.
وحتى ذلك الحين، يظل الترقب سيد الموقف سواء بالنسبة للمشترين أو لملاك السفن الذين ينتظرون لحظة أفضل للقرار.