خبراء لـ”عالم الموانئ”: قوانين دولية تنظم حركة الملاحة بمضيق هرمز

مضيق هرمز

أكد خبراء بحريون أن حركة الملاحة عبر مضيق هرمز ينظمها قوانين دولية لضبط الملاحة في البحار والمحيطات والمضايق.

واستبعد الخبراء سيناريو إغلاق مضيق هرمز على خلفية الصراع الإيراني الإسرائيلي الدائر اليوم، وحالة التصعيد.

تهديدات بتعطيل الملاحة بمضيق هرمز

وكان وزير الاقتصاد الإيراني السابق، إحسان خاندوزي، بأن المرور عبر مضيق هرمز يجب أن يخضع لموافقة إيران،
ونقلت عنه وسائل الإعلام الرسمية.

وقال الوزير: “ابتداءً من الغد، ولمدة 100 يوم، لن يُسمح لأي ناقلة نفط أو شحنة غاز طبيعي مسال بالمرور دون موافقتنا”.

لا تأكيدات رسمية حتى الآن

ومع ذلك، لم يصدر أي تأكيد رسمي من السلطات الإيرانية أو الوزارات الحكومية يشير إلى تنفيذ أي توجيه بهذا الشأن.

كما أن التصريحات الصادرة حتى الآن لا تشير إلى نية تنفيذ حقيقية على الأرض.

علاوة على ذلك، لا يشغل خاندوزي حاليًا أي منصب حكومي أو سلطة اتخاذ قرار.

ويبدو أن تصريحاته تعكس تصعيدًا في الخطاب أكثر من كونها إعلانًا عن سياسة قابلة للتنفيذ.

استبعاد سيناريو الإغلاق

أكد اللواء بحري عصام بدوي، الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية، أن أكثر من 20% من ناقلات النفط تمر عبر مضيق هرمز، وهو ما يمثل نحو خمس إنتاج النفط الخام عالميًا.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ “عالم الموانئ” أن نحو 30 % من الغاز الطبيعي لدول الخليج يعبر المضيق.

وتابع أن عرض “هرمز” أضيق نقطة حوالي 33 كيلومترًا،
 ما يؤكد أهميته الكبرى للتجارة العالمية والطاقة.

واستبعد اللواء بدوي سيناريو إغلاق المضيق، مبررًا ذلك بالعلاقة الإستراتيجية بين إيران والصين.

عصام بدوي

العلاقة المهمة بين الصين وإيران

ونوه إلى أن الصين تعد أكبر مستورد للنفط الإيراني، وتشتري أكثر من ثلاثة أرباع صادرات إيران النفطية، فهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والشريك التجاري الأكبر لإيران.

وأوضح الأمين العام أن الصين لا تريد أن يتعطل تدفق النفط من الخليج أو أن ترتفع الأسعار، ما يجعلها تضغط اقتصاديًا على طهران.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الخطوة من جانب إيران ستضر بمصالحها، نظرًا لاعتمادها الكبير على المضيق لتلبية التزاماتها تجاه عملائها في السوق العالمية.

صعوبة التحكم في المضيق

وفيما يخص التصريحات حول الإغلاق، ذكر بدوي أن أغلب المضيق يقع داخل المياه العمانية، إذ يمتد بين إيران شمالًا وعُمان والإمارات جنوبًا.

لكنه أشار إلى أن المضيق متسع لدرجة يصعب معها التحكم فيه بشكل كامل.

تلويح إيران بإغلاق “هرمز”

وقد لوّحت إيران سابقًا بإغلاقه، خصوصًا في أزمات أعوام 2011 و2012 و2018 دون تنفيذ فعلي.

ونذكّر كذلك بتصريحات الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني بشأن إغلاق المضيق، وهي التصريحات التي لم تترجم إلى أي تحرك عملي، وبقيت ضمن إطار التهديد الإعلامي فقط.

عدم تأثر حركة الشحن

أما بشأن مخاوف استهداف الشحن البحري، فيشير الدكتور مصطفى النحاس، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للشحن والتفريغ، إلى أن حركة الشحن لم تتأثر كثيرًا حتى الآن.

لكنه حذر من أنه في حال حدوث تصعيد أكبر، فقد تتعرض حركة الشحن لتداعيات سلبية متزايدة. حيث ستدفع هذه المخاطر الشركات إلى تغيير مساراتها أو تأجيل الشحن.

ارتفاع رسوم التأمين البحري

وبادرت شركات التأمين البحري برفع رسومها إلى ثلاثة أضعاف بسبب اعتبار المنطقة شديدة الخطورة.

كما أن حركة الملاحة قد تتباطأ بأكثر من ثلاثة أضعاف عن المعدلات الطبيعية.

التشويش على أنظمة الملاحة

ويعاني مرور السفن أيضًا من التشويش المتبادل بين الموانئ الإيرانية، مثل ميناء بندر عباس، بحسب كلامه.

بالإضافة إلى تأثر أنظمة الملاحة (GPS وGNSS) ونظام تحديد الهوية الآلي (AIS) للسفن.

واعتبر النحاس أن هذه الإشارات المضللة يمكنها أن تؤثر على القرارات الملاحية.

إلى جانب استخدامها لتحريض على تحركات غير مرغوب فيها، ما يزيد المخاوف بشأن سلامة السفن التجارية في الخليج.

النحاس

بديل سعودي في حال الإغلاق

وفيما يتعلق بالبدائل المحتملة، يقول هيثم الزهراني؛ القبطان السعودي، إن البديل الأهم في حال الإغلاق هو خط
 East – West Pipeline (Petroline) الذي يعبر المملكة ويوفر منفذًا إلى البحر الأحمر.

وأشار “الزهراني” إلى أن السعودية والإمارات تمتلكان بنية تحتية تمكّنهما من التصدير بعيدًا عن مضيق هرمز. واعتبر أن هذا قد يُقلل من تأثير الإغلاق على صادرات النفط مؤقتًا.

وأوضح “الزهراني” أن خطوط الأنابيب لا تعمل بكامل طاقتها دائمًا، فالسعة التقديرية المتاحة حاليًا تبلغ نحو 2.6 مليون برميل يوميًا بين السعودية والإمارات.

أرامكو تدير خط “بترولين”

وقال إن شركة أرامكو السعودية تدير خط “بترولين”، الذي ينقل النفط من بقيق إلى ميناء ينبع الصناعي.

وأضاف أن الخط ينقل نفط بطاقة تصل إلى 5 ملايين برميل يوميًا، وتم توسيعه مؤقتًا إلى 7 ملايين برميل.

وفي عام 2024، زادت السعودية ضخ النفط عبر “بترولين” لتفادي اضطرابات الشحن، خاصة في ظل التوترات في باب المندب.

القانون يضمن حرية الملاحة

أما من الناحية القانونية، فيقول سيد أبو زيد، خبير القانون البحري التجاري، إن القانون الدولي ينظم حركة الملاحة في المضايق وفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.

وتهدف الاتفاقية إلى ضمان حرية الملاحة لجميع الدول،
مع الحفاظ على حقوق الدول المطلة على المضايق والتوازن بين السيادة والمصالح العالمية.

سيد أبو زيد

عبور المياه دون المساس بأمن الدولة

ونوه “أبو زيد” إلى أن القانون يعتمد على مفاهيم “المرور البريء” الذي يتيح عبور المياه الإقليمية دون المساس بأمن الدولة.

وتابع أن اتفاقية جنيف 1958 أضفت الصفة الدولية على مضايق مثل هرمز، لما لها من أهمية إستراتيجية.

كما ينص القانون على مبدأ “العبور العابر”، الذي يتيح حرية الملاحة في المضايق المستخدمة دوليًا.

كما يُسمح للدول الساحلية بوضع ممرات بحرية وأنظمة لفصل حركة المرور؛ لضمان سلامة السفن، بحسب تصريحاته.