رفعت وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني للسعودية إلى “A+” من “A”، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
ويأتي ذلك في ظل استمرار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها المملكة.
وتعكس هذه الترقية نجاح الجهود الرامية إلى تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
ويماثل هذا التصنيف نظيره لدى كل من اليابان والصين. كما يتوافق مع تصنيف وكالة “فيتش” للمملكة، بينما يقل بدرجة واحدة عن تصنيف “موديز”.
وفاء السعودية بالالتزامات المالية
ويعد تصنيف “A+” مؤشرًا على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية مع مخاطر منخفضة نسبيًا؛ ما يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي.
ووفقًا لبيان “ستاندرد آند بورز”، اليوم السبت؛ فإن التحول الاقتصادي والاجتماعي في المملكة يعكس تحسنًا في الحوكمة وتطوير الإطار المؤسسي، إلى جانب التوسع في أسواق المال المحلية.
وأشارت الوكالة إلى أن المملكة عززت آليات الرقابة والتوازنات المؤسسية، خاصة مع التقدم في تنفيذ “رؤية 2030”. كما نوهت إلى أن هذا يظهر في إعادة ترتيب الأولويات والمشاريع وفق متطلبات التنمية.
تقدم ملحوظ منذ إطلاق “رؤية 2030”
وذكرت الوكالة أن السعودية حققت تقدمًا ملحوظًا منذ إطلاق “رؤية 2030” في عام 2016.
كما تمكنت من تحقيق 87 % من إجمالي 1064 هدفًا ضمن الخطة الطموحة؛ ما يعكس التزامها القوي بمسار الإصلاح والتطوير.
وتتوقع “ستاندرد آند بورز” أن يشهد الاقتصاد السعودي نموًا قويًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 4 % خلال الفترة الممتدة بين عامي 2025 و2028.
أرقام الاقتصاد السعودي
وقد أظهر الاقتصاد السعودي، الذي يبلغ حجمه 1.1 تريليون دولار، نموًا سنويًا بنسبة 4.5 % خلال الربع الرابع، وهو أعلى معدل نمو منذ عام 2022.
وعلى مدار عام 2023، بلغ معدل النمو 1.3 %، متجاوزًا توقعات وزارة المالية التي قدرت النمو عند 0.8 %.
كما سجلت القطاعات غير النفطية نموًا بنسبة 4.3 %، في حين تراجعت الأنشطة النفطية بنسبة 4.5 %.
ومن جانبها، تتوقع وزارة المالية أن يصل معدل النمو الاقتصادي في المملكة إلى 4.6 % في عام 2025.
وأشارت “ستاندرد آند بورز” إلى أن نظرتها المستقبلية “المستقرة” تعكس الأداء القوي للقطاعات غير النفطية، إلى جانب تطور أسواق رأس المال المحلية.
كما أكدت أن هذه العوامل تساعد في موازنة المخاطر الناجمة عن ارتفاع مستويات الدين الحكومي والخارجي.
متوقعة أن تساهم الإجراءات الحكومية في دعم النمو المستدام للقطاعات غير النفطية.
تنويع الاقتصاد
وترى الوكالة أن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب إعادة هيكلة المشروعات، تعكس تقدماً ملحوظاً في تطوير الإطار المؤسسي في المملكة.
وأوضحت أن الاستثمارات العامة والخاصة تسعى إلى تعزيز قطاعات صناعية جديدة، تشمل السياحة، والتصنيع، والطاقة المتجددة، والتعدين؛ لتقليل الاعتماد على النفط.
كما أشارت إلى أن هذه الاستثمارات ستساهم في تعزيز الاستهلاك المحلي وزيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد تدريجيًا.
وأضافت أن استمرار الطلب الاستهلاكي من شأنه دعم الاستثمارات في قطاعات مثل البناء والخدمات، مما يساهم في ترسيخ زخم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
مساهمة القطاع غير النفطي
وأشارت “ستاندرد آند بورز” إلى أن مساهمة القطاع غير النفطي، بما يشمل الأنشطة الحكومية، أصبحت تشكل نحو 70 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكدت الوكالة أن المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار وزيادة الاستهلاك ستسهم في دعم نمو القطاع غير النفطي على المدى المتوسط.
تطور قطاع السياحة
فيما يخص قطاع السياحة، توقعت الوكالة أن ترتفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملحوظ.
ولفتت إلى أن التقديرات تشير إلى المساهمة ستصل إلى حوالي 5 % من الناتج المحلي بحلول عام 2024 ما يمثل تضاعفًا لمساهمته مقارنة بعام 2021.
التحديات المالية
وعلى الرغم من النمو الاقتصادي القوي، حذرت “ستاندرد آند بورز” من أن التقلبات في أسعار النفط قد تؤدي إلى استمرار الاختلالات المالية والخارجية حتى عام 2028.
وتوقعت أن يرتفع العجز المالي إلى 4.8 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي. وأيضًا أن يسجل الحساب الجاري عجزًا بنحو 2 % من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2028.
المرونة الاقتصادية
وعرى الرغم من هذه التحديات، أشارت الوكالة إلى أن الحكومة السعودية قادرة على الحفاظ على مركز مالي قوي بفضل الأصول الصافية التي تمتلكها.
كما لفتت إلى أن أسواق رأس المال المحلية ستلعب دورًا محوريًا في تحقيق “رؤية 2030“. حيث تواصل الحكومة تطوير سوق الأسهم لجذب الاستثمارات طويلة الأجل إلى القطاعات الإستراتيجية.
التضخم واستقرار الأسعار
أما فيما يتعلق بالتضخم، فقد ذكرت “ستاندرد آند بورز” أنه يظل أقل من مستوياته في الدول المماثلة. ويرجع ذلك إلى ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي.
وأظهرت البيانات الأخيرة ارتفاع متوسط التضخم السنوي لأسعار المستهلك في المملكة إلى 1.7 % خلال عام 2024. وهو ما يتماشى مع توقعات صندوق النقد الدولي.
كما يعد هذا التباطؤ في التضخم، الذي تراجع من 2.3 % في العام السابق، الأدنى خلال السنوات الأربع الماضية. ما يعكس استقرار الأسعار في السوق المحلية.