يشكّل القطاع البحري السعودي ركيزة أساسية في الجهود الوطنية والدولية للحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية.
يأتي هذا تماشيًا مع رؤية المملكة الطموحة لحماية البيئة والوفاء بالتزاماتها المناخية.
التزام المملكة بتحقيق الحياد الكربوني
وضعت السعودية أهدافًا طموحة لخفض الانبعاثات الكربونية، حيث تستهدف تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030.
كما تضع الممكلة هدفًا بيئيًا أما نصب أعينها وهو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
ومن المتوقع ارتفاع انبعاثات قطاع الشحن البحري عالميًا – التي تمثل حاليًا 2.3 % من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون – بمعدل 10 إلى 13 % بحلول عام 2050.
جاء ذلك وفقًا لأحدث تقرير لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك).
جهود المملكة في خفض انبعاثات القطاع البحري
ويعتمد الأسطول البحري السعودي حاليًا على الوقود الثقيل والديزل الأحمر البحري؛ ما يجعله مسؤولًا عن 0.7 % من إجمالي انبعاثات المملكة من ثاني أكسيد الكربون.
وفي إطار الجهود المبذولة لتقليل البصمة الكربونية لقطاع الشحن البحري، بحسب التقرير، طبّقت المملكة مجموعة من الإجراءات البيئية المتقدمة، من بينها:
تعديل 41 سفينة عبر تزويدها بأجهزة تنقية غاز أكسيد الكبريت؛ بنسبة 6.4 % من الأسطول السعودي.
تركيب محركات حديثة صديقة للبيئة في 63 سفينة لتعزيز كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات.
الاستثمار في بنية تحتية خضراء بالموانئ، تشمل استخدام الطاقة المتجددة وتطبيق تقنيات الربط البري لتقليل استهلاك الوقود أثناء توقف السفن.
مكانة السعودية في قطاع الشحن البحري
يساهم القطاع البحري السعودي في تقليل الانبعاثات عالميًا من خلال عدة إنجازات واستراتيجيات تدعم الاستدامة البيئية وخفض البصمة الكربونية، ومن أبرزها:
- تمتلك المملكة 642 سفينة تجارية؛ ما يمثل 0.57 % من إجمالي السفن التجارية العالمية البالغ عددها 112.9 ألف سفينة.
- تحتل المرتبة الثانية عربيًا بأسطول تجاري يشكّل 12 % من إجمالي السفن التجارية في المنطقة.
- لدى المملكة 109 ناقلات للنفط والكيماويات؛ حيث تمثل 20 % من صادرات السوائل المنقولة بحرًا عالميًا.
نحو مستقبل بحري مستدام
إن القطاع البحري السعودي يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاستدامة البيئية وخفض الانبعاثات.
يتسق ذلك مع استمرار المملكة في تبني الحلول المبتكرة والاستثمارات في تقنيات الوقود النظيف.
ويعزز هذا من الدور السعودي كلاعب رئيسي في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، وتعزيز اقتصاد بحري أكثر اخضرارًا، بحسب التقرير.
الاستثمار في الوقود النظيف
وأكد مركز الملك عبدالله أن تحقيق الحياد الكربوني في قطاع النقل البحري السعودي يتطلب استثمارات كبيرة في إنتاج الوقود النظيف.
وأضاف أن المملكة تتمتع بفرصة لقيادة سوق الوقود منخفض الكربون عالميًا، مع امتلاك المملكة احتياطيات هائلة من الهيدروكربونات.
دور الهيدروجين والأمونيا في إزالة الكربون
تُعد الهيدروجين، الأمونيا، والميثانول من أبرز أنواع الوقود النظيف التي يمكن أن تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية في قطاع الشحن البحري.
وأوضح تقرير المركز أن السعودية تسعى إلى إنتاج 11 مليون طن من الأمونيا الزرقاء بحلول عام 2030.
وتابع أنها تعمل على الاستحواذ على 15 % من سوق الهيدروجين الأزرق عالميًا؛ ما يدعم جهود إزالة الكربون من القطاعات البحرية والصناعية.
تطوير الأسطول والبنية التحتية البحرية
ويتطلب خفض انبعاثات القطاع البحري السعودي تحديث الأسطول الحالي أو بناء سفن جديدة تتوافق مع معايير الاستدامة.
ومن أهم معايير الاستدامة؛ زيادة القدرة المحلية على تصنيع السفن الحديثة المصممة للعمل بالوقود البديل.
بالإضافة إلى تطوير المرافق البحرية للصيانة، الإصلاح، والتجديد؛ لضمان استدامة العمليات البحرية بأعلى كفاءة.
نحو قطاع بحري أكثر استدامة
تتجه المملكة نحو تحقيق الحياد الكربوني في قطاع الشحن البحري؛ ما يعزز مكانتها كقوة رائدة في الاقتصاد البحري المستدام عالميًا.
ويتحقق ذلك، بحسب التقرير، من خلال الاستثمارات في الوقود النظيف، تحديث السفن، وتعزيز البنية التحتية البحرية.
توصيات إستراتيجية لتعزيز استدامة القطاع البحري السعودي
وأشار مركز الملك عبدالله (كابسارك) إلى أن نجاح التحول نحو الوقود البديل في القطاع البحري السعودي يعتمد على تقليل مخاطر الاستثمار، وتحفيز السوق، وتطوير البنية التحتية.
ونوه تقرير المركز إلى وضع عدد من التوصيات لتحفيز الاستثمار في الوقود البديل، وأهمها:
- تقديم حوافز مالية وإعانات وإعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمار في الهيدروجين، الأمونيا، والميثانول.
- توفير قروض منخفضة الفائدة لخفض المخاطر وتعزيز ثقة المستثمرين.
- وضع إطار تنظيمي مستقر وداعم للسياسات لتسهيل الإجراءات وتبسيط التراخيص.
- تنشيط السوق عبر مشتريات حكومية للوقود البديل واتفاقيات شراء طويلة الأجل.
- تطوير البنية التحتية للنقل والتوزيع.
- إنشاء شبكة متكاملة لنقل وتوزيع الوقود منخفض الكربون تتناسب مع قدرات الإنتاج والاستهلاك.
- المواءمة بين التنقيب والإنتاج والتكرير والتسويق لضمان توفر الإمدادات البحرية.
- تقليل الانبعاثات البحرية عبر تحسين كفاءة التخزين والتوزيع للوقود النظيف.
استغلال الموقع الإستراتيجي للمملكة
مع تمركزها على الممرات البحرية بين الشرق والغرب، تمتلك السعودية فرصة لتطوير شبكة محطات وقود الهيدروجين.
ويعزز ذلك دور المملكة دورها في إنشاء ممرات ملاحية خضراء؛ حيث يمكن تحقيق ذلك عبر تطوير بنية تحتية متكاملة لتزويد السفن بوقود الهيدروجين ومشتقاته.
الانضمام إلى ممر ملاحي أخضر عالمي، مثل ممر لوس أنجلوس – سنغافورة، أو إطلاق ممر جديد يعزز ريادة المملكة في النقل البحري المستدام.
نحو مستقبل بحري مستدام
وأكد تقرير المركز أن السعودية تتجه نحو بناء قطاع بحري منخفض الكربون؛ من خلال تحفيز الاستثمار، تطوير البنية التحتية، واستغلال الموقع الجغرافي.
وقال إن هذه العوامل تساهم في خفض الانبعاثات وتعزيز الاقتصاد الأزرق؛ ما يعزز مكانتها كقوة بحرية رائدة عالميًا.