على مدار أكثر من عشرة قرون، ظل ميناء العقير شاهدًا على التحولات التاريخية التي شهدتها سواحل الخليج العربي.
أسسته الدولة العثمانية عام 960م، خلال فترة سيطرتها على المنطقة، ليصبح نقطة محورية للتجارة والملاحة.
لذا؛ يمكن القول إن ميناء العقير هو خير مثال بقطاع النقل البحري يعكس ريادة المملكة بقطاع النقل البحري منذ تأسيس المملكة العربية السعودية.
تسمية ميناء العقير
سُمِّي ميناء العقير، أو “العجير” كما ينطقه أهالي الأحساء، تيمنًا بقبيلة “أجاروا” أو “عجيروا” التي استوطنت المنطقة في الألف الأول قبل الميلاد، وفقًا لما ذكرته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
موقع ومواصفات الميناء
يُعد ميناء العقير أول ميناء بحري في المملكة السعودية وأقدمها؛ حيث يقع بمحافظة الأحساء، شرق المملكة، على بُعد 65 كيلومترًا من مدينة الهفوف.
وكان من أبرز الموانئ المطلة على الخليج العربي؛ فعلى مدار التاريخ، شكّل العقير مركزًا حيويًا للحضارات المتعاقبة في الأحساء، واستمر في لعب دور محوري بالنشاط التجاري والملاحي حتى فترة قريبة.
أهميته التاريخية
كان ميناء العقير يتمتع بأهمية كبيرة خلال عهد الدولة العثمانية، واستمر دوره الحيوي بعد تأسيس المملكة، ومع تطور شبكة الموانئ.
تم الاستغناء عنه لاحقًا ونقل النشاط الملاحي إلى ميناء الدمام، الذي أصبح الميناء الرئيس للمنطقة.
أولى الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، اهتمامًا خاصًا بميناء العقير، نظرًا لدوره المحوري كبوابة اقتصادية للدولة السعودية الناشئة، وأهميته كميناء رئيس في شرق البلاد.
دور “العقير” سياسيًا
وخلال فترة حكمه، كان العقير مسرحًا للعديد من الأحداث السياسية والاقتصادية التي أسهمت في رسم ملامح التطور الاقتصادي للمملكة، ذلك الوقت.
اتخذ الملك عبد العزيز آل سعود، ميناء العقير مقرًا لعقد اللقاءات مع الموفدين البريطانيين، كما استخدمه موقعًا لإجراء المفاوضات مع الحكومة البريطانية.
وشهد الميناء على توقيع المعاهدة بين الملك عبد العزيز والمندوب السامي البريطاني “كوكس”، والتي أقرت فيها بريطانيا بسيادة الملك عبد العزيز على الأحساء.
اجتماع مؤسس المملكة لتشكيل حدود المنطقة
في عام 1922، استضاف ميناء العقير اجتماعًا تاريخيًا جمع الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود بالسير بيرسي كوكس.
كذلك الميجور “مور” المعتمد السياسي البريطاني في الكويت، إضافة إلى وزير المواصلات والأشغال العراقي صبيح بك، ممثلًا عن العراق.
وتركزت المفاوضات على ترسيم حدود نجد مع العراق؛ حيث استمرت المناقشات مدة 5 أيام؛ ما أسفر عن قرارات مهمة شكلت ملامح الحدود الجغرافية في المنطقة.
وفي اليوم السادس من المفاوضات، رسم السير بيرسي كوكس، الحدود بالخط الأحمر على الخريطة، والتي تم اعتمادها رسميًا من قبل الأطراف الثلاثة.
ووفقًا لهذا الاتفاق، تقرر إنشاء منطقتين محايدتين: الأولى بين السعودية والكويت، والثانية بين السعودية والعراق، بهدف تنظيم الحدود وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
الميناء شاهدًا على الازدهار
مع بدايات المملكة العربية السعودية، شهد ميناء العقير ازدهارًا اقتصاديًا كبيرًا استمر حتى نحو عام 1365هـ/1945م.
وخلال تلك الفترة، تم تطوير الميناء بإقامة عدد من المنشآت الحيوية، شملت الجمارك، والجوازات، والفرضة.
بالإضافة إلى مبنى الخان، ومبنى الإمارة، والحصن، والمسجد، وعين الماء، وبرج بوزهمول؛ ما عزز من مكانته كمركز تجاري وإداري رئيس في المنطقة.
بداية اكتشاف النفط
مع اكتشاف النفط في بقيق والظهران، بدأت أهمية ميناء العقير في التراجع، وذلك بسبب إنشاء طرق حديثة معبّدة وبناء موانئ جديدة أقرب إلى منابع النفط والأسواق التجارية بالمنطقة الشرقية.
وبحلول عام 1377هـ / 1957م، بدأ دور العقير في التقلص تدريجيًا بوضوح، في ظل انطلاق العمل على إنشاء ميناء الدمام وخط السكة الحديد، فتحول النشاط الملاحي والتجاري إلى الموانئ الحديثة.
يوم التأسيس
يشار إلى أن “يوم التأسيس” مناسبة وطنية غالية تحتفل فيها المملكة، يوم 22 فبراير من كل عام، إحياءً لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى في 1727م، على يدالإمام محمد بن سعود بالدرعية.
وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – أمرًا ملكيًا عام 2022، باعتماد هذا اليوم، كعطلة رسمية لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة.