مجدي صادق يكتب.. تعريفة ترامب والفوضى الجيوسياسية في سوق الشحن

ترامب

هل سيغير الشاحنون سلاسل التوريد خلال مدة ولاية ترامب المقبلة؟ هذا السؤال طرحه “بيترساند” محلل “زينتا”، لكن إجابته تكلف ملايين الدولارات.

وهو ما يطرح سؤالًا آخر: كيف تتسبب الجغرافيا السياسية في تحول سلاسل التوريد وإصابتها بأمراض أصبحت “متوطنة” منذ “كوفيد 19″، مرورًا بأزمة البحر الأحمر والحرب الروسية الأوكرانية؟ ويبدو أنها “موعودة” بهذا الفيروس اللعين والذي يدفع ثمنه “المواطن العادي”، حينما يفاجئ بارتفاع أسعار السلع و”توحشها”.

 

 

وقد رأينا هذا في أعقاب تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين خلال العام 2018، أثناء ولاية “ترامب” الأولى كرئيس؛ حيث ارتفعت أسعار الشحن الفوري المتوسطة بأكثر من 70% على التجارة المهمة من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وفي يوم تنصيبه صرح “ترامب” بأنه “يفكر” في فرض تعريفات جمركية، بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا في الأول من فبراير. وقد كان حين بدأت “بوادر” حرب تجارية تشتد رحاها بين يومًا وآخر.

تبلغ أسعار الشحن الفوري الحالية من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة 5104 دولارات لكل وحدة مكافئة لعشرين قدمًا،
وهذا أعلى بنسبة 24%، مما كانت عليه قبل 12 شهرًا، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تأثير الصراع في البحر الأحمر.

إذا ارتفعت الأسعار بنفس مقدار عام 2018، فإن السوق ستصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل خلال كوفيد- 19.

وعلينا العلم بأن كل يوم تعبر السلع والخدمات بقيمة 2,5 مليار دولار بين كندا والولايات المتحدة، ويبلغ هذا ما يقرب من واحد تريليون دولار سنويًا في الوقت الذي توظف فيه الشركات الكندية. ما يقرب من 900 ألف عامل في الولايات المتحددة. وما يقرب من 8 ملايين وظيفة أمريكية مرتبطة بالتجارة مع كندا.

وتبيع الولايات المتحدة سلعًا إلى كندا أكثر من أي دولة أخرى، في حين أن كندا تشتري سلعًا أمريكية أكثر من الصين واليابان وفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعة.

هذه حقائق مرعبة، خصوصًا أن كندا وجهة التصدير الأولى للولايات المتحدة. لأكثر من النصف (50 من أصل 97 فئة منتجات) من جميع السلع المنتجة في الولايات المتحدة. وكندا تعتبر أكبر سوق تصدير لـ 36 ولاية من بين الثلاثة الأوائل لـ 46 ولاية أمريكية. بينما تشتري كندا 73% من صادرات الشاحنات الأمريكية، و36% من الخضراوات والفواكه.

ويعتمد التصنيع الأمريكي على كندا، إذ إن قرابة 70% من السلع الكندية المصدرة إلى الولايات المتحدة. تستخدم في إنتاج سلع أخرى.

فالتعريفة الجمركية، مثلًا على كندا ستضر بالكنديين والأمريكيين على حد سواء. ومن شأنها أن تزيد تكلفة المعيشة للمستهلكين وتعرض آلاف الوظائف للخطر وتضعف القدرة التنافسية لأمريكا الشمالية في الاقتصاد العالمي.

وإذا كان “ترامب” قد صرح بأنه يحب الشعب الكندي. لكنه لا يحب “ترودو” رئيس الوزراء الكندي. لذا؛ كانت تلك القرارات، في حين وافق على “تعليق فوري” للرسوم الجمركية على المكسيك. بعد محادثة “ودية للغاية” مع رئيسة البلاد “كلوديا شينباوم”، وتأجيل تنفيذ القرار شهرًا.

لكن “بيتر ساند” المحلل الاقتصادي لمنصة “زينيتا”. يقول: لا يمكنك أن تبني إستراتيجية الشحن الخاصة بك على الخطاب السياسي، والتعريفات الجمركية على الواردات الأمريكية ستأتي. لكننا لا نعرف متى أو أين أو ما السلع التي ستتأثر.

رغم أنه يقول: ستستمر المخاطر الجيوسياسية، المعروفة والتي لم تظهر بعد في التسبب بدمار سلاسل الإمداد واضطراب حركة التجارة العالمية.

لكنه يحذر: حافظ على هدوئك.. قد يستغرق الأمر سنوات حتى تتطور أنماط التجارة مع ظهور وتراجع التهديدات الجيوسياسية المختلفة، وفي غضون أربع سنوات قد يكون هناك ساكن جديد للبيت الأبيض. بسياسة تجارية مختلفة عن سياسة ترامب.

ويبقى السؤال المطروح على المكتب البيضاوي في واشنطن: هل سنشهد في ظل الفوضى الجيوسياسية. التي تحاك خيوطها الآن وتلك الأطماع هنا أو هناك تحديات أخرى للقطاع البحري واللوجيستيات. بما يعيدنا دومًا للمربع صفر؟