يمثل ميناء دمياط أحد أهم الموانئ المصرية ضمن سبعة موانئ تمتلكها مصر على ساحل البحر الأبيض المتوسط، و11 ميناءً بحريًا على البحر الأحمر.
أهمية ميناء دمياط
جاء ذلك نظرًا لموقعه الجيوإستراتيجي وتميزه ببنية رقمية عالية كميناء ذكي وأخضر، وأتمتة جميع الإجراءات اللوجستية والعملياتية، وخدمات تجعله جاذبًا لخطوط الشحن العالمية.
وتعمل مصر وفق إستراتيجيات رؤية 2030؛ لدعم قطاع النقل وتقديم ما يلزم للتحول إلى أكبر مركز تجاري ولوجستي عالمي.
ويتحقق ذلك من خلال الربط الداخلي القوي وزيادة معدل ربط الدولة بمحيطها الخارجي.
بالإضافة إلى دعم البنية التحتية في قطاع النقل بمختلف أنواعه، والاستفادة من الموقع الإستراتيجي المتميز للدولة المصرية.
تطوير النقل البحري والنهري
ويعد تطوير النقل البحري والنقل النهري على رأس أولويات القيادة السياسية منذ 2014؛ لما له من آثار إيجابية عديدة في تجارة مصر مع دول العالم.
كما تعد الموانئ المصرية المدخل الرئيس لتحقيق الانتعاش الكبير في الاقتصاد.
وهناك العديد من الموانئ التجارية بالدولة، و3 آلاف كيلو متر شواطئ، تعمل على استغلالها لجذب الاستثمارات.
وبلغت تكلفة تطوير الموانئ المصرية، خلال الفترة من 2014 إلى 2024، نحو 129 مليار جنيه.
دور النقل البحري عالميًا
ويعد النقل البحري من أهم وسائل النقل عالميًا؛ إذ يستحوذ على 80 إلى 90 % من قيمة التجارة العالمية.
كما يعد النقل البحري مسئولًا عن نحو 90 % من تجارة مصر إلى العالم.
ويصل حجم السلع المتداولة عبر الممرات المائية إلى 11 مليار طن حول العالم.
ومن خلال هذا يمكن أن تتحول الدولة إلى قوة اقتصادية عملاقة؛ فهو مورد رئيس للعملة الصعبة، التي تسهم في تنمية المناطق المجاورة للميناء.
بالإضافة إلى تأثيره الإيجابي في زيادة تنافسية الصادرات المصرية، وخفض تكلفة الواردات وميزان المدفوعات وتحسين مستوى المعيشة.
سلاسل الإمداد العالمية
وتمتلك مصر 18 ميناء بحريًا، و11 ميناء على البحر الأحمر، و7 موانئ على البحر المتوسط.
بالإضافة إلى 37 ميناءً تخصصيًا في مجال البترول والتعدين والسياحة والصيد.
وتعد موانئ الحاويات نقاط ارتكاز أساسية في سلاسل الإمداد العالمية، وبالغة الأهمية لإستراتيجيات النمو في العديد من الاقتصادات الصاعدة.
مركز للتجارة العالمية واللوجستيات
وتم وضع خطتين قصيرة ومتوسطة المدى، في إطار الإمكانيات المتاحة والميزات النسبية للموانئ المصرية على البحرين المتوسط والأحمر وإعادة هيكلتها وتطويرها.
وترتكز الخطة قصيرة المدى، حتى 2024 مرحلة التأهيل، على التدخل السريع للدولة برفع كفاءة التشغيل بالموانئ والظهير الممتد لها.
أما الخطة متوسطة المدى فتبدأ من 2024 حتى 2030 للتوسـع وجعل مصر مركزًا للتجارة العالمية واللوجستيات.
إضافة أرصفة جديدة
ونفذت مصر مخططًا لإضافة أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 67 كم، وأعماق تتراوح من (18-22) مترًا بالموانئ.
ويبلغ إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ البحرية 100 كيلو متر.
بالإضافة إلى إنشاء حواجز أمواج بأطوال 15كم وتعميق الممرات الملاحية لتستوعب الموانئ 400 مليون طن سنويًا بدلًا من 185 مليون طن.
و40 مليون حاوية مكافئة سنويًا عوضًا عن 12 مليون حاوية مكافئة، إلى جانب 10 ملايين حاوية ترانزيت و30 ألف سفينة عملاقة سنويًا.
تقنيات حديثة
وتم استخدام أحدث التقنيات لتنفيذ الأرصفة البحرية بالموانئ. كما زادت مساحات الموانئ من 40 مليون متر مربع عام 2014 إلى 75 مليون متر مربع عام 2023؛ لتصل إلى 100 مليون متر مربع بحلول 2030.
كذلك تم تجهيزها بأحدث معدات التشغيل في العالم لتتعامل مع الجيل الجديد من السفن العملاقة، وتطوير وبناء أسطول القاطرات البحرية.
وقد وصل عددها إلى 52 قاطرة خلال عام 2023، مع تطبيق أحدث نظم الموانئ الخضراء، ومعدات التخلص من التلوث البيئي.
الأسطول البحري المصري
كذلك، يتم تطوير الأسطول البحري المصري ليضم 31 سفينة عام 2030 تنقل 20 مليون طن بضائع متنوعة سنويًا، بدلًا من 20 سفينة في عام 2014.
وتصل طاقة نقل البضائع إلى تسعة ملايين طن بضائع متنوعة سنويًا، ويصبح قادرًا على خدمة البضائع الإستراتيجية من الغلال والبترول بين مصر وباقي دول العالم.
التكامل الإقليمي والدولي
يشهد ميناء دمياط أعمال تطوير ضمن خطة الدولة لتطوير كل الموانئ المصرية وتحقيق رؤية مصر 2030؛ لجعلها مركزًا عالميًا للتجارة واللوجستيات.
ويعد الميناء عاملًا رئيسًا في تنشيط الاقتصاد الوطني والتجارة الخارجية والتكامل الإقليمي والدولي.
ويسهم في تحسين مستوى المعيشة والخدمات والبنية التحتية والتنوع البيئي والثقافي للمواطنين.
وسوف يصبح إضافة هائلة للبنية الأساسية الموجودة في مصر.
ويقع الميناء بالقرب من مناطق كثيرة داخل مصر، خاصة منطقة الدلتا؛ ما يمنحه مزايا كبيرة لتشجيع الشركات العالمية.
محطة الحاويات
ويتم إنشاء محطة الحاويات “تحيا مصر” في ميناء دمياط بطاقة تداول 3.5 مليون حاوية مكافئة سنويًا.
وتبلغ أطوال أرصفة المحطة 1970 مترًا، وعمق 18 مترًا وساحة خلفية 922 ألف متر مربع بتكلفة 4.5 مليار جنيه.
وينشئها تحالف شركتي “المقاولون العرب” و”أركيرودون”، ومن المتوقع أن تحقق إيرادات تبلغ 3.2 مليار دولار.
وتوفر المحطة نحو 3 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتجتذب 1.2 مليون من حاويات الترانزيت من موانئ شرق المتوسط.
ويتولى التحالف شركات (يوروجيـت- ألمانيا، وكونتشب- إيطاليا، وهاباج لويد- ألمانيا) إدارة وتشغيل المحطة باستثمارات تصل إلى 490 مليون دولار ولمدة 30 عامًا.
بوابة رئيسة للقارة الأوروبية
وتعد “تحيا مصر” من أهم ومحطات الحاويات للصادر والوارد والترانزيت في حوض البحر المتوسط، وبوابة رئيسة للقارة الأوروبية.
كذلك يتم تعميق الممر الملاحي وحوض الدوران للميناء للوصول إلى عمق تصميمي يبلغ 18.5 متر، تحت إشراف شركة “الجرافات الوطنية” بتكلفة 1.4 مليار جنيه.
محطة “تحيا مصر 2”
إضافة إلى إنشاء محطة متعددة الأغراض “تحيا مصر 2” خلف الحاجز الغربي بإجمالي أطوال 3400 متر وعمق 17 مترًا.
كذلك ساحات خلفية بمساحة 2.2 مليون متر مربع وطاقة استيعابية لتداول 20 مليون طن سنويًا، وطاقة تخزينية 40 مليون طن سنويًا، بتكلفة تقديرية 8.3 مليار جنيه.
وهي تعمل على تخفيض زمن الانتظار والتفريغ والتحميل للسفن، إلى جانب تنويع أنواع البضائع التي يمكن معالجتها وتخزينها في الميناء، وتلبية الطلب المتزايد على الحاويات والسيارات والمعدات الثقيلة.
بالإضافة إلى إنشاء رصيف بحري بطول 600 متر وعمق 17 مترًا وساحة خلفية 270 ألف متر مربع بتكلفة تقديرية 1,3 مليار جنيه.
الممر اللوجستي المتكامل
وسوف يتم الانتهاء من تطوير ميناء دمياط بالكامل خلال عام 2027، وذلك في إطار تنفيذ الممر اللوجستي المتكامل (طنطا/ المنصورة/ دمياط).
ويتكون الممر اللوجستي من (المنطقة اللوجيستية بطنطا- خط سكة حديد طنطا/ المنصورة/ دمياط – الميناء الجاف بدمياط الجديدة- ميناء دمياط).
ويستهدف الممر اللوجستي ربط المناطق الزراعية والصناعية والتعدينية والخدمية بالمنافذ البحرية.
على سبيل المثال: تم إنشاء “خط الرورو” لنقل الحاصلات الزراعية سريعة التلف بين مصر وإيطاليا، عن طريق نقلها من ميناء دمياط إلى ميناء تريستا بإيطاليا، والعكس صحيح خلال يوم ونصف اليوم.
تسهيل الإجراءات الجمركية
وعملت مصر على تسهيل الإجراءات الجمركية، وتوفير شاحنات وحاويات مبردة بشكل متوازٍ في مصر وإيطاليا لاستقبال وتوصيل البضائع إلى مينائي دمياط وتريستا.
وذلك لأن إيطاليا تعد من أهم الدول التي تستقبل الصادرات المصرية، خاصة الحاصلات الزراعية الطازجة.
ومنها يتم توزيع هذه السلع إلى باقي دول أوروبا، والموانئ المصرية هي بوابة إيطاليا نحو إفريقيا ودول الخليج.
مركز تعزيز تجارة وتداول الغاز الطبيعي
نجح مجمع إسالة الغاز المصري بميناء دمياط، منذ عام 2005، في إنتاج وتصدير 500 شحنة.
وعلى الرغم من توقفه لمدة 8 سنوات، فإنه عاد للعمل بكامل طاقته منذ فبراير 2021.
وتعد محطات إسالة الغاز المصرية، سواء في دمياط أو إدكو، إحدى أهم الركائز الرئيسة في التسهيلات والبنية التحتية التي تمتلكها مصر.
وتهدف المحطات لتعزيز تجارة وتداول الغاز الطبيعي؛ اذ تفوق قدراتها الإنتاجية 12 مليون طن سنويًا.
ومصر هي الدولة الوحيدة في دول شرق المتوسط التي تمتلك محطات إسالة للغاز؛ ما يؤهلها لأداء دور محوري للربط بين منتجي الغاز بشرق البحر المتوسط والدول الأوروبية.
مزايا تنافسية عديدة
تتميز الموانئ المصرية بمزايا تنافسية عديدة بالمقارنة بموانئ المنطقة، من حيث الموقع الجغرافي الذي أتاح لها تحقيق المراكز المتقدمة كأقل مسافة حيود عن خطوط الملاحة الدولية.
وتبلغ مسافة الحيود لميناء شرق بورسعيد صفر ميل بحري، في حين تبلغ مسافة الحيود لميناء دمياط 7 أميال بحرية.
هذه المميزات جعلت مصر من ضمن أول عشر دول على مستوى العالم فيما يتعلق بمؤشر الموقع الإستراتيجي.
تصنيف الموانئ
وحصل ميناء شرق بورسعيد على المركز العاشر بمؤشر أداء الموانئ في مجال الحاويات لعام 2022، وفقًا للتقرير الصادر مؤخرًا عن البنك الدولي؛ متقدمًا بذلك على ميناء هونج كونج.
كما حصدت أيضًا محطة “تحيا مصر” متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية المركز الرابع في الإنتاجية والمركز الثاني من حيث السلامة في منظومة المحطات.
ويشرف على إدارة المحطة شركة CMA CGM الفرنسية على مستوى أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، وتصل إلى 50 محطة على مستوى العالم.
تطوير قطاع النقل واللوجستيات
وشهد قطاع النقل واللوجستيات في مصر تطورًا كبيرًا وفقًا لشهادة الهيئات الدولية؛ إذ تقدمت مصر في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية (LPI) نحو 10 مراكز.
فقد حققت المرتبة 57 على مستوى العالم من إجمالي 139 دولة.
كما احتلت المرتبة السابعة عربيًا بقيمة 3.1 نقطة. مقابل المركز 67 على مستوى العالم من إجمالي 160 دولة، بقيمة 2.82 نقطة في 2018، وذلك وفقًا لتقرير البنك الدولي عام 2023.
مصر بوابة لتجارة الترانزيت
وتعد مصر كذلك من الوجهات الرئيسة لتجارة الترانزيت في الشرق الأوسط.
حيث تتميز بموقعها الإستراتيجي بين قارتي إفريقيا وآسيا، والممر البحري الحيوي لقناة السويس الذي يمر منه ما يزيد على 30 % من حركة التجارة العالمية.
وهي توفر بنية تحتية قوية لدعم تجارة الترانزيت؛ إذ تمتلك شبكة واسعة من الطرق والسكك الحديدية والموانئ التجارية المجهزة بأحدث التقنيات.
وتُعد تلك التجارة أداة دعم رئيسة للاقتصاد؛ من خلال زيادة الإيرادات وتطوير قطاع النقل وإتاحة فرص العمل وجذب الاستثمارات.
تطوير تجارة الترانزيت
ويشمل تطوير تجارة الترانزيت التعاقد مع شركات إدارة محطات وخطوط نقل بحري عالمية.
بالإضافة إلى تقديم حوافز وعقد شراكات استراتيجية طويلة المدى مع الخطوط الملاحية العالمية المتحكمة في حركة التجارة العالمية؛ لضمان ربط الموانئ المصرية بكل الموانئ على مستوى العالم.
وتتضمن أعمال التطوير: تحسين بيئة العمل لتقليل زمن مكوث الحاوية داخل الموانئ.
ويستهدف هذا زيادة الطاقة الإنتاجية للمحطات، وتطوير أنظمة الجمارك وأداء جهات الفحص والعرض.
شراكات إستراتيجية
وكذلك تكوين شراكات إستراتيجية مع الدول الصناعية والتجارية الكبرى؛ لجعل الموانئ المصرية مركزًا لعمليات الترانزيت والتصدير.
وتشمل جهود التطوير أيضًا إصلاح البيئة التشريعية والقوانين المنظمة التي تضمن سهولة حركة البضائع بين الدوائر الجمركية المختلفة داخل الدولة.
وتتمثل عوامل نجاح هذه التجارة في ضمان أفضل مستوى خدمة وأداء للموانئ البحرية؛ عبر تطويرها وزيادة طاقتها الاستيعابية.
وتتمثل محاور التطوير في أطوال وأعماق المحطات والأرصفة واستخدام أفضل أنظمة التشغيل الخاصة بإدارة المحطات.
إنشاء موانئ جافة
علاوة على إنشاء موانئ جافة وممرات لوجستية وربطها بالسكك الحديدية سواء العادية أو السريعة، وهو ما تم في الموانئ المصرية، ومن بينها ميناء دمياط.
وتم التعاقد مع خمسة تحالفات عالمية لإدارة وتشغيل خمس محطات جديدة.
ومن المنتظر أن يكون النشاط الرئيس لتلك التحالفات بالموانئ المصرية هو تجارة الترانزيت المباشر وغير المباشر؛ باعتبارها مشغلًا عالميًا لخطوط ملاحية منتظمة.
الموانئ استثمار إستراتيجي لمصر
تُعد جهود مصر لتطوير موانئها بمثابة استثمار إستراتيجي في اقتصادها وأمنها القومي والاجتماعي.
ويؤدي توسيع الطاقة الاستيعابية وتحديث البنية التحتية إلى تعزيز التجارة البحرية، وجذب الاستثمارات، ودعم النمو الاقتصادي وتحسين الميزان التجاري.
بالإضافة إلى ذلك فإن للموانئ المصرية آثارًا جيوسياسية مهمة؛ لأنها تجعل الدولة لاعبًا رئيسًا في حركة التجارة العالمية وتقوّي علاقاتها بالمحيط الإقليمي والعالمي.
تحسين السلامة والأمن الملاحي
وتعمل مصر على تأمين مستقبلها الاقتصادي وتعزيز مكانتها كمركز تجاري مهم في السنوات القادمة.
كما أن تطوير ميناء دمياط والموانئ المصرية يؤدي إلى تحسين السلامة والأمن الملاحي والبيئي للميناء والسفن والبضائع والعاملين.
فضلًا عن تقليل الحوادث والاصطدامات والتلوث والتسربات وزيادة الطاقة الاستيعابية للميناء والممر الملاحي.
استقبال السفن الكبيرة
بالإضافة إلى تمكين الميناء من استقبال سفن أكبر حجمًا وحمولة؛ وتخفيض تكاليف النقل والتشغيل والتأمين.
علاوة على تلبية الطلب المتزايد على البضائع المختلفة وتعزيز القدرة التنافسية للميناء والاستفادة من موقعه الاستراتيجي والمنطقة الحرة المجاورة.
كذلك جذب المزيد من الشركات العالمية والإقليمية وتنمية قطاع الحاويات والتجارة الدولية وتحويل ميناء دمياط إلى مركز عالمي لتجارة الترانزيت واللوجستيات والتكامل مع الموانئ الأخرى.
بالإضافة إلى زيادة الإيرادات والعملات الصعبة والاستثمارات والتبادلات التجارية.
ويؤدي هذا إلى تنشيط الاقتصاد الوطني والتجارة الخارجية والتكامل الإقليمي والدولي.
فضلًا عن تحقيق نمو اقتصادي متوازن ومستدام، وتوفير الآلاف من فرص العمل.