مجدى صادق يكتب: عودة القراصنة برداء الحوثيين!

اتذكر من بين أهم أفلام القراصنة فيلم القبطان فيليبس الذى أنتج عام 2013 من إخراج بول جرينجراس وبطولة توم هانكس وبرخد على.

والفيلم يرصد عملية اختطاف سفينة ميرسك ألاباما وهى قصة حقيقية وسيرة ذاتية للقبطان ريتشارد فيليبس الذى استولى قراصنة صوماليين على سفينته بقيادة عبد المولى موسى فى 2009.

سيناريو الفيلم كتبه بيلى راى  وقد جرى تصوير الفيلم فى مالطا، تم اخذ الرهائن فى سواحل مدينة ايل “محافظة نوجال”، والقصة سجلت فى كتاب ” واجب القبطان الذى صدر فى 2010 من قبل ستيفان تالتى و القبطان ريتشارد فيليبس.

تذكرت مدى العنف الذي استخدمه القراصنة لترويع طاقم السفينة بما فيهم القبطان الذى رفض الاستماع لطاقمه بتجنب الإبحار فى هذه المنطقة لكنه عاند وأصر على المواجهة إذا حدثت  وقد حدثت!!

أول عملية اختطاف !

كانت أول عملية اختطاف ناجحة لسفينة قبالة سواحل الصومال منذ عام 2017 ناقلة البضائع السائبة ” هاندى ماكس ” كما هاجم القراصنة سفن الصيد ومعظمها ايرانية بالاضافة الى العديد من السفن الاخرى والقوارب الصغيرة مثل الزوارق.

على الرغم من التوقعات بان عام 2024  يشهد عددا من حوادث القرصنة الصومالية، إلا أنه من غير المرجح أن تصل إلى سالف عصرها الذهبى فى 2017.

كان القراصنة فى حالة سبات لما يقرب من عقد من الزمان فبعد قرابة 13 سنة من الهدوء النسبى الذى ساد منطقة البحر الاحمر والمحيط الهندى بسبب غياب أعمال القرصنة تعود مرة اخرى اكثر عنفا وتحمل أجندات صراعات فى المنطقة كما هو الحال مع جماعة الحوثى ويبدو أن إيران التى “اكتوت بنارالقراصنة ” قررت أن تهيأ المنطقة باكملها لمرحلة تصعيد بحرى عالمى !

وإذا كان الاقتصاد العالمى قد تكبد خسائر تراوحت بين 7 الى 18 مليار دولار سنويا وهى تكاليف الفدية التى تدفع للقراصنة وتكاليف الحراسات والإجراءات الأمنية على متن السفن علاوة على ” فاتورة ” التجارة العالمية فإن “العود الشرير” لتلك القرصنة التى ترتدى اليوم ” سترات ” الايديولوجيات وأشكال الصراع الدائر فى وعلى هذه المنطقة ( ! ) ذات الأهمية الجيوسياسية للبحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقى فهى ليست وليدة اليوم إذ كانت تحت بصر وانظار القوى والامبراطوريات المهيمنة لأهميتها الإستراتيجية واطلالتها على طرق التجارة الدولية ومنذ القرن 15 ازداد التنافس الغربى على النفوذ بهذه المنطقة بل تحول إلى صراع كبيرفى الكثير من الأحيان وهو ماحدث ويحدث اليوم فما هو الثمن وقيمة فاتورة قرصنة 2024 الذى سيتم دفعه ؟!

قرارت دولية للمكافحة والقرصنة تتصاعد !

و كان قد أصدر مجلس الأمن 7 قرارات تستهدف القرصنة الصومالية بين ديسمبر 2010 ومارس 2022 مما سمح للقوات البحرية والجوية الاجنبية بدخول المياه الصومالية والقيام بدوريات فيها.

 فى الوقت الذى زادت فيه نسبة الزيادة فى أعمال القرصنة زاد قبالة الصومال بنحو خمسة أضعاف منذ عام 2005.

وقد أظهرت بيانات 2023 أن القرصنة أخذه فى الإرتفاع فى ممرات الشحن العالمية الرئيسية تم الإبلاغ عن 20 حادثة قرصنة بحرية وسطو مسلح ضد السفن عام 2023 مقارنة بـ 115 حادثة فى عام 2022، ووجد أن التهديدات متزايدة للسفن مع إرتفاع عدد الطواقم المحتجزة كرهائن من 41 إلى 73 عام 2023 واختطاف الطواقم من إثنين إلى 18 عام 2024.

الغريب أنه بسبب القرصنة البحرية قبالىة السواحل الصومالية وخليج عدن تسببت فى خسائر لليمن بنحو 350 مليون دولار أمريكى بينها 200 مليون دولار كأضرار تكبدها الصيادون و150 مليون تكبدتها الحكومة ورفع التأمين للسفن المتجهه إلى اليمن  واستضافت اليمن مايقرب من 700 الف لاجئ صومالى على أراضيه فهل تحول هؤلاء أحد ” نواة ” جماعة الحوثى فى تهديدهم للسفن المارة سواء بالبحر الاحمر أو مضيق باب المندب أو خليج عدن ؟!

وإذا كانت عمليات القرصنة البحرية كانت قد تركزت فى القرن الافريقى ونيجيريا وخليج غينيا ومضيق ملقا فهل اتسعت “خريطة التصعيد والتهديد ” واعمال القرصنة ؟؟!

تكاليف و “فواتير ” االمجتمع الدولى والقوى الكبرى !

كانت تكاليف تغيير مسار السفن لتفادى هذه المناطق الخطرة تصل إلى نحو3 مليارات دولار سنويا بينما ينفق نحو مليونى دولار سنويا على القوة البحرية الدولية التى تراقب السواحل الصومالية فماذا يتكلف تغيير مسار السفن المارة عبر البحر الاحمر بعد هجمات الحوثى إلى رأس الرجاء الصالح وهى أيضا تحت التهديد؟ وماهى تكاليف ” فاتورة ” “حارس الازدهار ” ضمن تحالف أكثر من  20 دولة خاصة وأن تكلفة استخدام الصواريخ البحرية الباهظة يمكن أن تصل الى 2,1 مليون دولار للطلقة الواحدة !!؟ وكانت قد كلفتالغارات البريطانية على الحوثى مايصل إلى 19  مليون جنيه استرلينى أى مايزيد على 24 مليون دولار أمريكى فقط من تكاليف الصواريخ وحدها !!

فهل نجحت تلك القوة البحرية بثمن هذه الفاتورة الباهظة فى اعادة 11800 رحلة شهرية كانت تمر عبر قناة السويس ؟ !

تحالف راديكالى عبر القراصنة بين الحوثى وشباب الصومال !

علينا أن ندرك أن مدينة هاراديرى على الساحل الصومالى هى أحد أهم المراكز الرئيسية  للقراصنة وهى مقر جماعة شباب الصومال الراديكالية الانفصالية التى تمنح القراصنة الحماية حيث تفرض مابين 50% الى 60% من ثمن الفدية مقابل الحماية وتوفير مقرات لاخفاء البحارة وقد استخدموا القراصنة لتهريب الأسلحة للصومال، وقد ازداد عنفها خاصة وهى ترفض أى اتفاق بين الصومال وأرض الصومال، وهو ماذكره بيانهم الذى أكد ” سوف تراق على مذكرة التفاهم الخاصة بالاتفاق الدماء ” !!

وإذا كانت قد عادت هذه الأنشطة للقراصنة مرة أخرى على خلفية تصعيد جماعة الحوثى مما زاد من شكوك إتصالات تمت بين القراصنة وجماعة الحوثى فى اليمن بل قل بين جماعة حركة شباب الصومال  الإرهابية وجماعة الحوثى ربما لتصعيد من نوعا آخر لا أحد يستطيع التنبؤ به!!

ماهو الحل السحرى للحد من هذا ؟!

  فلا يوجد حل سحرى واحد للحد من هجمات الحوثيين فى البحر الأحمر والقراصنة فى القرن الأفريقى بل ضرورة تنسيق الجهود الدولية لإعادة الصياغة الجيوسياسية لأمن المنطقة مثلما يقول استاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية المغربى محمد عصام لعروسى فى ورقة بحثية شديدة الأهمية حول تحديات الأمن بالبحر الاحمر كما دعا إلى توسيع رقعة الخارطة الجيوبولتيكية أكثر لتشمل أغلب دول شرق افريقيا وإقليم البحيرات العظمى فهل نرى تحركا دولية لإنقاذ تلك المنطقة من دموية الصراع لصالح حركة التجارة الدولية وحرية الملاحة البحرية؟ أم سنرى تصعيدا  مزدوجا ضد حركة السفن وتحويل تلك المناطق لصراع عصابات الأيديولوجيا ؟!