– هل تصبح القناة حصان طروادة فى الخاصرة الأمريكية؟!
تمثل قناة نيكاراجوا حلم الدب الصيني، فهي بمثابة خيط اللؤلؤ الاقتصادي الذي يمتد من شنغهاي إلى القرن الأفريقي وصولاً إلى البحر المتوسط! ربما يراود هذا الحلم الدب الصيني في ظل أزمات حركة سلاسل الإمداد وتهديداتها عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر الأسود، والبحث عن ممرات اقتصادية ولوجيستية وبحرية بديلة، مع زيادة حركة التجارة العالمية.
وجاءت إعادة التفكير في الاستحواذ على حلم قناة نيكاراجوا بعد حالة الجفاف التي أصابت قناة بنما، فقد فتحت الفرصة على طبق من فضة للصين، التي كانت تريد أن تزاحم مع أمريكا عندما اشترت الولايات المتحدة قناة بنما من فرنسا!
حزام “الأناكوندا” الأمريكي حول الصين
فاستثمار الصين لمدة مائة عام في القناة قد يُسهِّل فك الطوق المفروض عليها من حزام “الأفعى” أو “الأناكوندا” البري، مما يقلص المسافة بين دول “بريكس” ويُعزز العلاقات ويسمح بالتمدد البحري لحماية مصالحها الاقتصادية، وتواصل استراتيجتها لكى تصبح قوة عالمية.
قناة نيكاراجوا
تُعتبر قناة نيكاراجوا قناة مفتوحة للشحن البحري تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، وكانت الولايات المتحدة تفكر في إنشاء هذه القناة، لكن فكرة شراء قناة بنما أثارت اهتمامها أكثر!، كما تعتبر نيكاراجوا ثاني أفقر دولة في القارة الأمريكية، وستمتد القناة بطول يبعد حوالي 200 كم عن قناة بنما شمالًا، مما يسمح بعبور المزيد من السفن ويُعزز العلاقات الاقتصادية.
إضافة إلى ذلك، ستحقق فائدة كبيرة للولايات المتحدة، حيث ستختصر حوالي 400 كم من رحلة السفن التي تخرج من نيويورك في طريقها إلى سان فرانسيسكو، ولكنها ستمر أيضاً ببحيرة نيكاراجوا، وهذا ما يثير الخوف من حدوث تداعيات أو كوارث بيئية.
اللعبة الاستراتيجية للصين
اللعبة الاستراتيجية للصين التى ترغب أن تحل محل الولايات المتحدة فى عقر دارها فضلاً عن عملها على ضمان ممر ملاحى لسفنها أكبر بكثير من ممر قناة بنما التى يالكاد تنجح فى عبوره، وانج جينج رئيس مجموعة قناة نيكاراجوا للتجارة العالمية ( اتش كى أن دى ) الشركة الصينية المسؤولة عن إنشاء القناة التى قيل إنها تتكلف 50 مليار دولار وقتها !
وقد بدأ احتفال ببدء العمل فى القناة رمزيا كان المفروض أن يبدأ التشغيل بحلول 2020 ويضم المشروع مينائين ومطارا ومنتجعا ومنطقة صناعية لتوليد الكهرباء وغيرها من الشركات جيث تبدأ مخططات القناة من نهر ريتو المفتوح على المحيط الهادى شرقا مخترقا بحيرة نيكاراجوا وصولا إلى المحيط الأطلسي أو أن يمر داخل نيكاراجوا ضمن قناة سيتم حفرها كى تصل إلى نهر ” بونتا جوردا ” الذى يصب فى البحر الكاريبى على المحيط الأطلسي وهذا المشروع هو ماتم اعتماده بالفعل.
اغتيال الرئيس البنمى توريخوس!
ومثلما تم اغتيال الرئيس البنمى عمر توريخوس عام 1981 بقنبلة وضعتها المخابرات الأمريكية على متن طائرته بعد 4 سنوات من توقيعه اتفاقية كارتر – توريخوس عام 1977 والتى تم بموجبها استعادة القناة إلى سيادة بنما بهدف إعادة التفاوض مع خلفه مانويل نورييجا الذى يلقى دعما أمريكيا قبل أن يصبح أحد السجناء فى الولايات المتحدة! وهو ماجعل خوسيه دانييل اورتيجا الذى تولى السلطة أول مرة عام 1979 فى نيكاراجوا من محاولات اغتياله إذا ماخرج هذا المشروع إلى النور خاصة وأن الولايات المتحدة ادرجت نيكاراجوا على قائمتها السوداء المرتبطة بالحريات الدينية فى العالم مع كوبا ومجموعة فاجنر الروسية !
مبدأ مونرو فى احقية امريكا لحديقتها الخلفية
فالقناة تهديد مباشر للامن القومى الأمريكى إذا كانت قناة بنما لسنوات ( قاعدة ) للتدخل فى شؤون كثيرة لدول امريكا اللاتنية وفقا لمبدأ مونرو الذى اعلنه الرئيس الأمريكى جيمس مونرو فى العام 1823 ذريعة للتأكيد على احقية الولايات المتحدة فى التوسع فى دول أمريكا الشمالية والجنوبية واعتبرتها ( حديقتها الخلفية ) بدءا من فنزويلا مرورا بتشيلى والبرازيل وغيرها من دول أمريكا اللاتينية.
موجة جفاف تاريخية لقناة بنما
وقناة نيكارجوا عند بناؤها قد تحرم قناة بنما 30% من حركة الملاحة البحرية التى تمر بها اذ ستكون على بعد اقل من 200 كم شمال بنما مع تزايد الطلب على شحنات الغاز الطبيعى المسال إذ ارتفع عدد السفن التى تمر بقناة السويس لاسيما مع محاولات العديد من الناقلات التى تحمل الغاز الامريكى إلى شمال آسيا تجنبا لقناة بنما التى تشهد موجة جفاف تاريخية تؤثر على اضطرابات فى حركة الشحن بسبب آثار التغير المناخى المتمثل بظاهرة ” الطفل الصغير” أو ” النينو ” والان فى ظل أزمة البحر الأحمر ودوران السفن حول رأس الرجاء الصالح تجنبا لمخاطر العبور عبر قناة السويس كان الدوران حول الفكرة الجديدة تزامنا مع ممر الشمال !.
الممر الشمالى والذى منه !
فالممر الشمالى سيسمح مع ذوبان الجليد بالابحار من جنوب شرق آسيا مرورا عبر اليابان والصين وروسيا ثم فنلندا والنرويج والاتجاه نحو الاتحاد الاوروبى والولايات المتحدة وحتى امريكا اللاتينية حيث قناة نيكاراجوا فى خال ظهورها للنور! وهو مايقلص من المسافة البحرية الكلاسيكية عبر قناة السويس بحوالى الثلث، وقد كان يمر بقناة بنما 6% من حركة التجارة البحرية العالمية او 1000 سفينة شهريا تحمل 40 مليون طن من البضائع، وهى تعمل بنظام الاهوسة ويتم توفير المياه فيها من خلال بحيرة جاتون وهى البحيرة التى تعانى اليوم من انخفاض منسوب المياه فيها.
ويمكن للقناة أن تستوعب بسهولة جميع سفن الحاويات الحالية والمخططة وناقلات النفط الخام الكبيرة جدا التى تبلغ سعتها 320 الف طن ساكن وناقلات البضائع السائبة بسعة 400 الف طن ساكن والسفن الضخمة الاخرى التى تتمتع بظروف عميق المياه يقال أن نيكاراجوا ستتجاوز بكثير قدرات قناة بنما وقناة السويس، لكن هل تترك أمريكا الصين تنافسها في عقر دارها مصاحبة صديقتها الاستراتيجية روسيا مهددين الأمن القومي الأمريكي؟ وهل تصبح القناة بمثابة حصان طروادة في الخاصرة الأمريكية؟ أم أن سيناريو لعبة “الأفاعي” في إدراج المخابرات الأمريكية عندما يحين موعدها يبقى محل شك؟.