توقعت شركة الوساطة البحرية (غيبسون) أن تشهد تدفقات التجارة اضطرابًا ملموسًا نتيجة التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين في سوق الشحن البحري.
كما يأتي هذا على خلفية فرض الطرفان رسومًا مينائية مرتفعة بشكل غير مسبوق على السفن المرتبطة بكل منهما.
ففي 14 أكتوبر، أعلنت واشنطن وبكين إجراءات متبادلة؛ إذ جاءت الخطوات الأمريكية ضمن ما يعرف بإجراءات القسم 301 الصادرة عن الممثل التجاري الأمريكي (USTR).
بينما فاجأت الصين الأسواق بقراراتها التي صدرت دون إنذار مسبق تقريبًا، بعد تحذير متأخر في أواخر سبتمبر بأنها سترد بالمثل.
كما تشمل الرسوم الصينية جميع السفن ذات الصلة الواضحة بالولايات المتحدة. سواء كانت مملوكة أو مشغلة من شركات أو أفراد أمريكيين.
بالإضافة إلى الكيانات التي يمتلك فيها أمريكيين نحو 25 % من الأسهم أو حقوق التصويت أو المقاعد الإدارية. وكذلك السفن التي ترفع العلم الأميركي أو التي صنعت في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، استثنت بكين السفن المبنية في الصين، وكذلك تلك القادمة في حالة توازن Ballast لغرض الإصلاح فقط.
كما تعد الرسوم المفروضة مرتفعة للغاية، إذ تصل إلى نحو 6 ملايين دولار لكل زيارة للناقلات العملاقة (VLCCs).
إلى جانب نحو 750 ألف دولار للناقلات متوسطة المدى (MR)، في خطوة وصفت بأنها تهدف لإحداث تأثير مباشر وسريع في السوق.
تعقيدات في تحديد الملكية الأميركية
كما أشارت “غيبسون”، في أحدث تقرير لها، إلى أن عدد مالكي السفن الأميركيين قليل نسبيًا. كما أن السفن التي ترفع العلم الأميركي أو تبنى في الولايات المتحدة والمخصصة للرحلات الطويلة نادرة.
ونوه التقرير إلى أن العديد من الشركات الأميركية الكبرى، مثل شركات النفط والمصافي. تمتلك أساطيل ضخمة من السفن المستأجرة بعقود طويلة الأجل.
تكمن المشكلة الحقيقية، بحسب التقرير، في التحقق من “السيطرة الأميركية” بنسبة 25%. نظرًا لتعقيد هياكل الملكية لدى الشركات المدرجة في البورصات العالمية. حيث يصبح الفصل بين الشركات “الأميركية” و”الدولية” أمرًا صعبًا للغاية.
كما تشير التقديرات إلى أن نحو 17 % من الأسطول العالمي للناقلات قد يخضع للرسوم الصينية. رغم أن هذه النسبة تختلف باختلاف الفئات.
ومع ذلك، يبقى هذا الرقم تقديريًا، إذ يمكن أن تستثنى بعض الشركات غير المقيمة في الولايات المتحدة رغم إدراجها هناك، بينما قد تقع شركات أخرى تحت نطاق الرسوم بسبب امتلاك حصص أميركية تتجاوز الحد المقرر.
الصين.. السوق الأهم للناقلات العملاقة
أكد التقرير أن الناقلات العملاقة VLCCs هي الفئة الأكثر تأثرًا بالإجراءات الصينية، إذ تمثل الصين الوجهة الأكبر لهذه الناقلات، مستحوذة على نحو 38 % من صادراتها خلال العام الماضي.
أما الفئات الأخرى من الناقلات، مثل LR وMR، فستتأثر بدرجة أقل نظرًا لتنوع أسواقها واعتمادها المحدود على الصين.
ومن المتوقع أن تؤدي حالة عدم اليقين بشأن السفن المسموح لها بدخول الموانئ الصينية إلى زيادة التقلبات في أسعار الشحن، خاصة في ظل ضيق سوق الناقلات العملاقة بسبب ارتفاع إنتاج تحالف “أوبك+”.
بالإضافة إلى أعمال الصيانة في المصافي، وتراجع حرق الخام لتوليد الطاقة في الشرق الأوسط، إلى جانب تنامي الطلب الآسيوي على الخام القادم من حوض الأطلسي.
تداعيات فورية وتكيف طويل الأمد
ذكرت “غيبسون” أن بعض الناقلات المتأثرة بالإجراءات كانت بالفعل في طريقها إلى الصين عند صدور القرارات، مما سيؤدي إلى اضطرابات مؤقتة في تدفقات التجارة وزيادة في الرحلات الخالية من الحمولة (Ballast Miles).
وأرجع التقرير هذا الاضطرابات سببها إعادة توزيع السفن بين الملاك والمستأجرين، كما أنها قد تتسبب في تشديد إجراءات التحقق من الوثائق؛ ما يزيد من من ازدحام الموانئ.
وعلى المدى الطويل، من المرجح أن تعمد بعض الشركات التي تقترب ملكيتها الأميركية من حد الـ25 % إلى إعادة هيكلة حصصها لتقليل انكشافها على المخاطر الصينية.
وأشار التقرير إلى أن هذه العملية قد تكون بطيئة ومكلفة، وربما تؤثر على أسعار أسهمها في البورصات.
وأكد التقرير أن التصعيد المتبادل بين واشنطن وبكين سيحمل انعكاسات اقتصادية أوسع تتجاوز قطاع الناقلات ليشمل التجارة البحرية ككل.













