لقد أكد النصف الأول من هذا العام مكانة الصين في قلب تجارة الحاويات العالمية، حيث تواصل موانئها الرئيسية الهيمنة على تصنيفات الإنتاج الدولي.

هل استطاعت الصين السيطره علي الحاويات العالمية؟

وتؤكد الأرقام المحدثة النطاق الاستثنائي للنشاط البحري الصيني، حيث نجحت شنغهاي مرة أخرى في تأمين مكانتها كأكثر موانئ الحاويات ازدحامًا في العالم، متقدمة بشكل كبير على نظيراتها العالمية وذلك وفق تقرير “porttechnology” الذي اطلعت عليه عالم الموانئ.

•   ميناء شنغهاي

يظل ميناء شنغهاي بلا منافس، حيث يبلغ حجم الحاويات فيه 27,060,000 حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا في الفترة من يناير إلى يونيو 2025.

إن أرصفته العميقة المتقدمة، وأتمتته المتطورة في محطة يانغشان، وموقعه المحوري في التجارة بين آسيا وأوروبا تجعله المركز العصبي للشحن العالمي.

تشير أرقام النصف الأول من العام إلى أن شنغهاي تسير على الطريق الصحيح لتجاوز علامة 50 مليون حاوية نمطية مرة أخرى في عام 2025، وهو ما يؤكد استمرار توسعها وريادتها في الصناعة.

ويعزى هذا النمو إلى الاستثمارات المستمرة في البنية التحتية الذكية. والتكامل السلس بين النقل البحري والبري، وتوسيع الطاقة الاستيعابية، بالإضافة إلى التحول الرقمي الكامل الذي عزز كفاءة العمليات وسرّع دورة الشحن بشكل غير مسبوق.

• ميناء نينغبو-تشوشان

ناول ميناء نينغبو  -تشوشان 21,048,000  حاوية نمطية  مكافئة  لعشرين قدمًا  في النصف الأول من العام. مؤكدًا دوره كمركز رئيسي على طول دلتا نهر اليانغتسي.

يدمج الميناء النقل متعدد الوسائط بين البحر والنهر، ويربط الشحن الساحلي بالأسواق الداخلية الشاسعة، مع تحديثه المستمر باستخدام الطاقة الكهربائية الساحلية وأنظمة التحميل الرقمية.

بفضل إنتاجها السنوي، تظل من بين أكبر ثلاثة موانئ في العالم ، ولا ينافسها سوى شنغهاي وسنغافورة.

• ميناء شنتشن

مع معالجة 17,230,200 حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا خلال النصف الأول من عام 2025. حصل ميناء شنتشن على المركز الثالث بين أكبر الموانئ الصينية.

مما يعكس الطلب القوي والمتزايد على صادرات التكنولوجيا المتقدمة والإلكترونيات عالية القيمة. التي تعد من الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي في جنوب الصين.

ويتميز ميناء شنتشن بموقعه المحوري في منطقة خليج جوانغدونغ الكبرى. ويخدم عددًا من أكبر الشركات العالمية مثل هواوي وتينسنت وفوكسكون، ما يجعله مركزًا لوجستيًا بالغ الأهمية لسلاسل التوريد الدولية.

ويضم الميناء عدة محطات حاويات كبرى، مثل محطات يانتيان وشيكو وتشيوانهاي. التي تعمل بأنظمة متقدمة لإدارة الحاويات، وتوفر خدمات ملاحية مباشرة إلى أكثر من 200 ميناء حول العالم.

كما يستفيد الميناء من بنية تحتية عالية الكفاءة تشمل أرصفة أعماق المياه، ومعدات تفريغ حديثة. وأنظمة تتبع ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين زمن دوران السفن وتدفق البضائع.

في العام الماضي، وقعت مجموعة ميناء شنتشن، بالشراكة مع ميناء لونج بيتش في كاليفورنيا. وعدد من أصحاب المصلحة الدوليين، مذكرة تفاهم استراتيجية تهدف إلى إزالة الكربون من التجارة البحرية وتعزيز التنمية البحرية المستدامة.

وتشمل بنود الاتفاقية التعاون في تطوير ممرات شحن خالية من الانبعاثات. وتشجيع استخدام الوقود البديل مثل الميثانول الأخضر والهيدروجين، وتبادل البيانات والخبرات في مجالات الرقمنة والاستدامة.

وقد بدأت بالفعل مبادرات ملموسة في هذا الإطار، منها اختبار سفن كهربائية قصيرة المدى تربط الميناء بالمناطق الصناعية المجاورة.

وتحديث أسطول الميناء بمعدات مناولة تعمل بالطاقة النظيفة، وإنشاء بنية تحتية مخصصة لشحن السفن العاملة بالطاقة البديلة.

وتسعى إدارة ميناء شنتشن إلى تحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول عام 2035. مما يجعل الميناء ليس فقط من بين الأكبر في الصين، بل أيضًا من بين الأكثر التزامًا بالتحول الأخضر عالميًا.

•  ميناء تشينغداو

وصل حجم مناولة الحاويات في ميناء تشينغداو إلى 16 مليونًا و380 ألف حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا خلال النصف الأول من عام 2025.

ما عزز مكانته كميناء التصدير الرائد في شمال الصين، وواحد من أكثر الموانئ تطورًا وكفاءة في آسيا.

ويعزى هذا الأداء القوي إلى الاستثمارات المتواصلة في البنية التحتية الذكية. وعمليات الأتمتة الواسعة التي جعلت من الميناء نموذجًا عالميًا يحتذى به في التشغيل الفعال.

حققت محطة ميناء تشينغداو الآلية، التي تديرها مجموعة موانئ شاندونغ، نجاحًا عالميًا بارزًا في مايو الماضي. عندما سجلت رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا في كفاءة مناولة الحاويات.

وخلال عملية تفريغ سفينة “كاب سان لازارو”، حققت المحطة متوسط إنتاجية غير مسبوق بلغ 62.62 حاوية نمطية في الساعة لكل رافعة.

وهو إنجاز يعكس مدى تطور الأنظمة الآلية المستخدمة، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتحكم عن بعد. وتكامل البيانات اللحظي لتقليل الفاقد الزمني ورفع الإنتاجية.

علاوة علي ان هذا التقدم التكنولوجي، يتصدر ميناء تشينغداو أيضًا الابتكار في مجال التكنولوجيا البحرية الخضراء. إذ أطلق في يونيو 2025 أول قاطرة في الصين تعمل بوقود الهيدروجين والكهرباء.

في خطوة رائدة نحو تقليل الانبعاثات الكربونية وتفعيل ممارسات النقل البحري المستدام.

وتتميز هذه القاطرة بانعدام الانبعاثات المباشرة، وكفاءة تشغيل عالية، مما يجعلها إضافة استراتيجية لأسطول الخدمات اللوجستية في الميناء.

كما تخطط إدارة الميناء لتوسيع استخدام هذا النوع من القاطرات في جميع العمليات المينائية خلال السنوات القليلة المقبلة. ضمن خطة أوسع للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2030.

• ميناء قوانغتشو

واستكمل ميناء قوانغتشو المراكز الخمسة الأولى بتسجيله 13,640,000 حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدمًا خلال النصف الأول من عام 2025.

محققًا نموًا ملحوظًا بفضل موقعه الاستراتيجي في قلب دلتا نهر اللؤلؤ، إحدى أكثر المناطق الصناعية كثافة ونشاطًا في الصين.

ويخدم الميناء عددًا كبيرًا من القطاعات الصناعية، بما في ذلك الإلكترونيات. والسيارات، والمنسوجات، مما يجعله حلقة وصل حيوية في سلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية.

ويعد ميناء قوانغتشو من رواد التحول نحو الاستدامة البيئية في الصين، حيث تعمل ترقياته الحديثة على دمج الحلول الخضراء في جميع جوانب التشغيل.

فقد تم مؤخرًا طرح مجموعة من معدات مناولة الحاويات الكهربائية بالكامل. بما في ذلك الرافعات والمركبات ذاتية القيادة، مما أسهم في خفض استهلاك الوقود الأحفوري وتقليل الانبعاثات.

كما أُنشئت محطات شحن كهربائية حديثة لدعم هذه المعدات، ضمن خطة لتحويل 60% من العمليات إلى مصادر طاقة نظيفة بحلول عام 2027.

إلى جانب ذلك، تم توسيع نطاق الاتصال بالسكك الحديدية من خلال إنشاء خطوط جديدة تربط الميناء بالمراكز الصناعية الداخلية. في مقاطعات مثل هونان وسيتشوان، ما يعزز النقل متعدد الوسائط ويقلل الاعتماد على الشاحنات التقليدية.

ويسهم هذا الربط أيضًا في تسريع عمليات الشحن والتفريغ، وخفض التكاليف اللوجستية للعملاء. وزيادة قدرة الميناء على مناولة الحاويات في فترات الذروة.

وتشمل خطط التطوير المستقبلية إطلاق منصة ذكية موحدة لإدارة العمليات تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وتحسين التنبؤ بحركة السفن، وتخصيص الموارد بكفاءة.

كل هذه الجهود تدعم طموحات قوانغتشو في أن يصبح واحدًا من أوائل “الموانئ الذكية الخضراء” في العالم بحلول عام 2030.