بدءا من مطامع الدول الكبرى نظرا لأهميته الاستراتيجية في حركة الملاحة البحرية وثرواته المعدنية والأهمية الجيوبولتيكية لهم مرورا بالخطر الحوثي الذي يتربص بالسفن المارة مستهدفة السفن الإسرائيلية أو المتجهة لإسرائيل وقد سمى اليهود البحر الأحمر بـ”يام صوف” وهم يهاجمون السفن التجارية في منطقة البحر الأحمر منذ منتصف نوفمبر، قائلين إن هجماتهم تأتي تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.
رغم إسرائيل لن تتضرر كثيراً لكونها لم تعتمد على ميناء إيلات بشكل رئيسي في تجارتها،اذ يمر نحو 5 في المائة من تجارتها فقط عبر البحر الأحمر ومع غرق السفينة روبيمار وما تحدثه من تلوث المجرى الملاحي نهاية بتهديدات السفينة صافر بعد أن حبس العالم أنفاسه من كارثة بيئية عندما نجحت الأمم المتحدة في إزالة أكثر من مليون برميل من النفط من ناقلة عملاقة متهالكة كانت راسية قبالة سواحل اليمن وقد يكون هذا النوع من العمليات أكثر صعوبة في الظروف الحالية في حين لاتزال السفينة بمكانها تهدد الدول بكارثة أخرى !
وتتساءل لماذا يحدث كل هذا حول البحر الأحمر في ظل أطماع الدول الكبرى فيه حتى إسرائيل حاولت السيطرة عليه ضمن مخطط فتح قنوات اتصال مع الدول الافريقية المشاطئة عليه ؟!
فالدراسات تشير إلى أن أعماق البحر الأحمر تحتوي على معادن مثل الزنك، والنحاس، والفضة، والذهب. كما أن التنقيب عن النفط والغاز فيه لا يزال مستمراً، فقد اكتشفت السعودية كميات كبيرة من الغاز في البحر الأحمر عام 2019، كما أعلنت مصر هذا العام ولأول مرة عن بدء حفر عدد من الآبار للتنقيب عن النفط والغاز فيه.
ومن ناحية التبادل التجاري فنحو 12 في المائة من التجارة العالمية البحرية تمر عبر البحر الأحمر، ونحو 40 في المائة من التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا يمر عبره، ولا يستغرب أن تستثمر كل من السعودية ومصر في المناطق اللوجستية في البحر الأحمر لانتعاش هذا الممر التجاري في الوقت الحالي، ولكونه يشكل فرصاً مستقبلية واعدة.
أحدث أزمة البحر الأحمر بغرق سفينة الشحن روبيمار
فدعونا نبدأ من آخر أحدث أزمة البحر الأحمر بغرق سفينة الشحن روبيمار وهي تديرها شركة لبنانية الأصل كما أن مالكها المسجل شركة جولدن أدفنتشر شيبينج، وعنوانها في ميناء ساوثهامبتون البريطاني وهي السفينة التي هاجمها الحوثيون في 19 فبراير الماضي والتي كانت تحمل على متنها 41 ألف طن من الأسمدة وهي تمثل مواد سامة كلها تذهب الى مياه البحر الأحمر كما أن هناك أضراراً جديدة ناجمة عن الانفجار على روبيمار لم يسبق لها مثيل مع عدم وجود سفن أخرى حولها أظهرتها صورة الأقمار الصناعية لشركة “ماكسار تكنولوجيز” واعترف بها مركز عمليات التجارة البحرية التابع للجيش البريطاني، والذي يراقب الممرات المائية في الشرق الأوسط وتتساءل عالماشي ( ! ) اين قوات “حارس الازدهار التي جرى إطلاقها نهاية العام الماضي، وينصب تركيزها على مواجهة “التحديات الأمنية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن
فى حين جاء هذا التصعيد من قبل الحوثيين لتعد أول سفينة تدخل التاريخ تغرق على أيديهم في البحر الأحمر إثر تعرضها لهجوم صاروخي وبقائها جانحة لمدة 13 يوما قبالة السواحل اليمنية !
وكان الحوثيون قد استهدفوا أكثر من 54 سفينة فى البحر الاحمر ومضيق باب المندب منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي
و كان قد تسبب غرق روبيمار الى ظهور بقعة نفط بطول 29 كيلو متر وهو ما أكده الجيش الأمريكي نفسه واعترف به !
فالمواد التي تحملها السفينة من أسمدة فوسفات الأمونيا ستذوب في مياه البحر وتلوثه، وستؤدي إلى انخفاض نسبة الأكسجين الذائب في الماء، مما سيؤدي إلى موت الكائنات البحرية، في حين أن بعضها -مثل الرخويات والأسماك- ستحمل هذه السموم وستنتقل عبر الصيد إلى السلسلة الغذائية العليا، وسيؤثر في المجتمعات الساحلية وحتى المناطق الداخلية باليمن، وربما تؤدي إلى انتشار أمراض سرطانية.
روبيمار السفينة !
روبيمار تم تشييدها في 1997، أي أنها تعمل منذ 27 عاما، ولذا هي -أيضا- تعدّ نفايات وفقا لعمرها الافتراضي الذي لا يتجاوز 30 عاما.
فى حين كانت حمولة روبيمار الغارقة تبلغ 41 ألف طن، في حين أعلن أنها تحمل 20 ألف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة، ولم يتم توضيح نوعية باقي نصف الحمولة للسفينة مع العلم أن هذه الأسمدة تتكون من فوسفات الأمونيا السائبة غير المغلفة، وهي تشمل -كذلك- على مواد كيميائية أخرى تهدد الثروة السمكية والشعب المرجانية التي تعد أكبر وأطول شعب مرجانية
ناقلة النفط ” صافر ” بينما كانت الحرب الأهلية تدمر اليمن
وكانت قد رست ناقلة النفط ” صافر ” بينما كانت الحرب الاهلية تدمر اليمن وعلى متنها أكثر من مليون برميل من النفط مهددة بكارثة بيئية أخرى وهي على بعد 5 أميال قبالة الشاطئ اليمني منذ عام 2015.
وكان في حال تفككها قد يؤدي ذلك إلى تسرب أربعة أضعاف كمية النفط المتسربة في كارثة إكسون فالديز عام 1989 في ألاسكا، مما يعطل أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم ويغلق الموانئ بالدول المتشاطئة على البحر الأحمر بل قد يصل مداه إلى قناة السويس التي أعدت العدة لمواجهة احتمالات حدوث ذلك مثلما قال المتحدث الرسمى لهيئة قناة السويس جورج صفوت في تصريح خاص !
وهذا التسرب قد يدمر الشعاب المرجانية الثمينة وأشجار المانغروف، ويستنزف الأرصدة السمكية التي قد تستغرق ما يقدر بنحو 25 عاما لاستعادتها.
وستغلق مؤقتا مينائي الحديدة والصليف القريبين، وهما قناتان للأغذية الحيوية والإمدادات المنقذة للحياة لملايين النازحين بسبب الحرب
وأطلقت “صافر” يابانية الصنع، التي يبلغ طولها 365 متر في عام 1976، قبل بيعها للحكومة اليمنية في ثمانينيات القرن العشرين لتخزين النفط المحدد للتصدير بعد أن كان ناقلة أحادية الهيكل !
وترسو “صافر” على بعد نحو 50 كلم من ميناء الحُديدة الاستراتيجي، والذي يُعد بوابة رئيسية للشحنات الآتية إلى اليمن. ولم تخضع لأي صيانة منذ عام 2015 بسبب الحرب في اليمن
فقد كانت تهدد السفينة 8 محافظات في اليمن وهي: حَجّة والحديدة وصعدة ودمار وصنعاء والمحويت وريمة، وأكثر من 100 جزيرة يمنية على البحر الأحمر قد تفقد تنوعها البيولوجي وتخسر موائلها، إضافة إلى فقدان ما لا يقل عن 126 ألف صياد يمني، لمصدر دخلهم الوحيد في مناطق صيد الأسماك، وفقدان نحو 850 ألف طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية على البحر الأحمر، و969 نوعاً من الأسماك في المياه اليمنية التي سيقتلها النفط الخام في حال تسربه.
تعطيل حركة الملاحة البحرية
لكن تم التخلي عنها قبل ثماني سنوات، وتركت راسية في الخارج مع 1.1 مليون برميل من خام مأرب الخفيف بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون على الساحل القريب قد يعطل مثل هذا الحادث بشكل كبير حركة الملاحة من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، وهما ممران حيويان لنقل النفط والغاز والسلع الأخرى وسيفاقم هذا التعطيل بدوره الاضطرابات في الأسواق العالمية المتضررة أصلاً من الحرب في أوكرانيا وكانت السفينة تهدد أيضا 8 محافظات في اليمن وهي: حَجّة والحديدة وصعدة ودمار وصنعاء والمحويت وريمة، وأكثر من 100 جزيرة يمنية على البحر الأحمر قد تفقد تنوعها البيولوجي وتخسر موائلها، إضافة إلى فقدان ما لا يقل عن 126 ألف صياد يمني، لمصدر دخلهم الوحيد في مناطق صيد الأسماك، وفقدان نحو 850 ألف طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية على البحر الأحمر، و969 نوعاً من الأسماك في المياه اليمنية التي سيقتلها النفط الخام في حال تسربه
وبعد أن نجحت الأمم المتحدة في سحب النفط إلى سفينة أخرى وإعداد الخزان لاقتياده إلى التلف، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ظل عملية كمرحلة أولى تكلفت 129 مليون دولار رغم ماسبق أن حذرت الأمم المتحدة من أنه حتى بعد إتمام عملية نقل النفط، فإن الناقلة المتهالكة “صافر” ستستمر في تشكيل تهديد بيئي مصدره بقايا النفط اللزج وخطر تفككها على ان تعود شحنة النفط الخام الأخيرة التي يتم تصديرها بدءا من سبتمبر حتى ظهر طوفان الأقصى في أكتوبر في موعد مع القدر بالنسبة للبحر الأحمر وتهديدات الحوثيين وما تسببته لحركة الملاحة البحرية وإجبار السفن على الدوران حول رأس الرجاء الصالح أو دفع ” اتاوات ” للجماعة الحوثى فى ظل تهديد مباشر لحركة التجارة العالمية.
أكثر من 500 سفينة حاويات تتحول حول رأس الرجاء الصالح
وقد أعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس : أن أسعار الشحن للسفن التجارية وصلت إلى 5000 دولار على الحاوية الواحدة مقارنة بـ 750 دولار في الماضي.
وتابع: رحلة السفن والحاويات تستغرق من 12 إلى 15 يوم نتيجة الاتجاه للعبور من طريق رأس الرجاء الصالح، والسنة اللي فاتت وفرنا 55 مليون طن من الانبعاثات الكربونية في قناة السويس.
إذ أن هناك أكثر من 500 سفينة حاويات تعد ربع سعة شحنات العالم قد تحولت عن البحر الأحمر بما أثر على حركة الملاحة أيضا بقناة السويس بانخفاض نحو 30% وبانخفاض 40% دخل القناة مع مرور 544 سفينة بعد ان كانت 777 سفينة وتراجع حجم التجارة العالمية بنسبة 1,3% قد تزيد مع عمليات التصعيد التى لم يعرف أحد متى تتوقف ؟!
” منطقة صراع ” جيو استراتيجية ومن يمسك بزمام الامور ؟!!!
بقي أن نقول أن للبحر الأحمر أهمية كبيرة للمملكة العربية السعودية التي تعد أطول ساحل لها على البحر الأحمر تليها مصر ثم ارتريا والسودان واليمن وجيبوتى أما فلسطين المحتلة والأردن فشواطئهما قصيرة جدا وتقع أقصى شمال خليح العقبة، وتضم السعودية مايقرب من 1150 جزيرة بعضها مأهول بالسكان مثل فرسان والمجيد وابوغنيم وديسان من بين 1496 جزيرة يضمها البحر الاحمر ومعظمها شعاب مرجانية !
وإذا كان قد أطلق على البحر الأحمر هذا الاسم، بسبب طحالب “تريكوديزميوم” أو ما تعرف بـ”نشارة البحر” التي تنمو في البحر فمن ينقذ هذا الذى يقع فى قلب العالم ليربط ثلاث قارات ويصل بين المحيط الهندي وبحر العرب جنوبا والبحر الأبيض المتوسط في الشمال من براثن ” الفتن ” التي حولته إلى ” منطقة صراع ” جيو استراتيجية ومن يمسك بزمام الأمور ؟!!!