يبدو ان الحرب المستعرة اليوم والتى تقلق مضاجع نواب الكونجرس الامريكى هى اعلان وفاة صناعة بناء السفن التجارية وانهيارها فى مواجهة التنين الصينى الذى ينمو ويتمدد فى موانئ الكثير من دول العالم !
ففى الشهر الفائت ارسل 19 نائبا فى الكونجرس رسالة الى الرئيس بايدن يحذرون فيها من عواقب وخيمة اذا لم تراجع الولايات المتحدة صناعتها البحرية التجارية باعتبارها تمثل امن قومى لها
التنين الصينى فى مواجهة الغوريلا الامريكية
فالتنين الصينى الذى يرمز الى السلطان والقوة فى الميثالوجيا الصينية استطاع ان يصرع الغوريلا ذات الاصابع والارجل العشر التى يصف خبراء الاقتصاد والمال الاقتصاد الامريكى ويكفى ان تعرف ان الطلبات الجديدة التى تلقتها شركات بناء السفن الصينية للسفن التجارية زادت بنسبة تفوق 38,1% سنويا مما اسهم الى زيادة ارباح احواض بناء السفن بنسبة 4% فالتنين الصينى يعمل على تعزيز دورها باعتبارها رائدة فى مجال بناء السفن التجارية على مستوى العالم بنسبة تقترب من اكثر من 40% من حجم السفن فى العالم
فى حين توقف انتاج الولايات المتحدة من السفن التجارية على الاقل النوع المستخدم فى التجارة الدولية التى تنتج نحو خمس واحد فى المائة من التاتج المحلى للسفن !
ففى بداية عام 2022 كان لدى الصين 1708 سفينه قيد الانشاء كان لدى امريكا ثلاثة فقط فى حين انه مع عام 2023 كان لدى الصين 1749 سفينة تجارية كبيرة للعمل فىمحيطات العالم قيد الانشاء بينما لامريكا 5 سفن لاغير !
كما ان الاسطول البحرى التجارى الذى يرفع العلم الامريكى ضعيف ومخزى ففى بداية عام 2023 لم ترفع سوى 177 سفينة تجارية عابرة للمحيطات العلم الامريكى بينما بلغ عدد السفن التى ترفع العلم الصينى اكثر من 5000 سفينة !
مواجهة بايدن مع اعضاء الكونجرس
وهو مادفع اعضاء لجنة الصناعة بالكونجرس الى المطالبة بالمزيد من الحوافز التجارية واجراء تغييرات لدعم متطلبات وزارة الدفاع للنقل البحرى وقال احد اعضاء اللجنة ان الشئ نفسه يمكن ان يقال عن وجود بحارة تجاريون يحتاجون الى عمل وتدريب بل اصبح البحارة الامريكيون مستهدفون وسفنهم من الارهابيين فى البحر الاحمر!
فى حين انه قبل ست اعوام حقق فيلم بعنوان ” عملية البحر الاحمر ” نجاحا كبيرا فى الصين وقد تم وصفه بانه الاول من نوعه فى دور السينما الصينية الذى يركز على مآثر البحرية الصينية الحديثة والتى تجاوزت فى السنوات الاخيرة البحرية الامريكية لتصبح الاكبر فى العالم
وتدور احداث الفيلم حول عملية للقوات البحرية الصينية الخاصة لانقاذ مواطن صينى احتجزه الارهابيون كرهينة فى دولة شبيهة باليمن على البحر الاحمر فكانت هذه رسالة مفاداها انك لن تؤذى اى مواطن صينى ابدا !!
وهو مايظهر ان الصين تتحمل مسؤولياتها كقوة عظمى مماجعل امريكا تشعر بالقلق من النفوذ الصينى المتنامى خاصة بعد منتصف نوفمبر حين بدأ الحوثيون مهاجمة السفن فى البحر الاحمر بالصواريخ والطائرات الدرون كان المسؤولون الامريكيون يحثون الصين على اظهار بعض روح القوة العظمى من خلال المساعدة فى حل ازمة حقيقية بالمنطقة بعد زيارة جيك سوليفان مستشار الامن القومى لامريكا ووزير الخارجية الصينى وانج بى لكن الصين التى لاتريد استعراض عضلاتها العسكرية بالمنطقة وجدت ان امن منطقة البحر الاحمر هو مستنقع من صنع امريكا !
فقد ظهرت الصين كمنافس قوى للقيادة العالمية اذ ان اجمالى الناتج البحرى لها نما بنسبة 6% على اساس سنوى بما يعادل 4,7 تريلون يوان ( حوالى 658.1 مليار دولار امريكى )خلال النصف الاول من العام الماضى 2023
لاسيطرة امريكية على الانظمة اللوجيستية
فى حين ان تقرير الكونجرس الامريكى كشف ان امريكا لاتملك السيطرة على الانظمة اللوجيستية البحرية التى تغذى الاقتصاد الامريكى وقد اظهرت ازمة كوفيد 19 والحرب الروسية الاوكرانية واخيرا البحر الاحمر الاهمية المستمرة للخدمات اللوجيستية وضرورة زيادة الاسطول التجارى الذى يحمل العلم الامريكى والذى يعمل بالتجارة الدولية الى 250 سفينة يديرها مواطنون امريكيون ويسيطرون عليها وهو مايدعو الكونجرس الى اصدار تشريع لتوحيد وتحديث البرامج الحالية وزيادة الاسطول البحرى التجارى من 85 الى 259 سفينة ترفع علم الولايات المتحدة وبافتراض ان الموافقة على التشريع المناسب فى عام 2024 وتنفيذ البرنامج بدءا من عام 2025 سيتمكن اسطول العلم الامريكى من سد فجوة النقل البحرى ومن شأن اسطول اضافى مكون ايضا من 250 سفينة من الدرجة الثانية ان يدعم الاقتصاد الامريكى وامن المنطقة الرمادية بشكل اكبر وستنتج شركات بناء السفن الامريكية حوالى 15 سفينة تجارية متقدما تقنيا ومزدوجة الاستخدام سنويا وهذه البرامج ستتكلف مابين 2 مليار الى 3 مليار دولار!
خاصة وان متوسط عمر السفن فى الاسطول الاحتياطى الجاهز 44 عاما ويستخدم عدد منهم انظمة دفع لم يعد من الممكن تحديثا واصبح الاعتماد فى عمليات الشحن على اعلام الملاءمة من ليبريا وبنما وجزر مارشال وهونج كونج بطواقم غير مدربة كما ان البحارة الامريكيين يبحرون على متن سفن لاتلبى متطلبات معايير السلامة فى الولايات المتحدة
وكان التقرير قد حذر من ان الصين تستثمر ايضا فى موانئ دول اخرى بما فى ذلك بنما التى يمكن ان تحاصر او تخنق الولايات المتحدة فى حال حدوث ازمة فقد كان التعطيل فى سلسلة توريد السلع هى القادمة من المصنعين الآسيويين وقد وصف تقرير الكونجرس ان سلوك الصين ب ” المتنمر النموذجى ” الذى يحاول القضاء على اى منافسة باى وسيلة اذ يمكن للصين باسطولها التجارى البحرى الواسع ان يقرر عدم نقل اى شحنات بضائع امريكية فى اطار مايسمى ب ” حرب سلاسل الامداد ” لذا جاءت فكرة ان تقوم امريكا بشراء سفن اجنبية الصنع وتعديلها لتتوافق مع المعايير الامريكية واضافتها الى الاسطول لكنها خطوة مثيرة للجدل والنقاش !
السؤال المطروح
فهناك 69% من جميع تجارة الولايات المتحدة عبر الممرات المائية وعبر السفن التجارية وهى تنقل 41% من القيمة الاجمالية للسلع التى تصدرها الولايات المتحدة الى اوروبا فى حين ان الصين تنج اليوم اكثر من نصف السفن التجارية الكبيرة التى يتم تسليمها سنويا وتسيطر على عشرات الموانئ البحرية فى عشرات الدول الاجنبية وتمتلك مايقرب من خمس الاسطول التجارى العالمى